للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ المَنْطُوقِ وَالمَفْهُومِ)

(الدَّلَالَةُ) مصدرُ دَلَّ وهي كونُ الشَّيءِ يَلْزَمُ مِن فَهمِه فهمُ شيءٍ آخَرَ، وتَقَدَّمَ أوَّلَ الكتابِ.

و (تَنْقَسِمُ إِلَى: مَنْطُوقٍ) وإلى مفهومٍ، أي: ما يُفهَمُ مِن الدَّلالةِ قد يَكُونُ مِن بابِ النُّطقِ، وقد يَكُونُ مِن بابٍ غيرِ النُّطقِ؛ لأنَّ المعنى المُستفادَ مِن اللَّفظِ إنِ اسْتُفيدَ مِن حيثُ النُّطقُ به: سُمِّيَ منطوقًا، أو من حيثُ السُّكُوتُ اللَّازمُ للَّفظِ: سُمِّيَ مفهومًا.

(وَ) المنطوقُ: (هُوَ مَا) أي: معنًى (دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظٌ فِي مَحَلِّ نُطْقٍ) وهو نوعانِ: صريحٌ، وغيرُ صريحٍ.

(فَإِنْ وُضِعَ) اللَّفظُ (لَهُ) أي: لذلك المعنى (فَـ) المنطوقُ (صَرِيحٌ) فيَدُلُّ اللَّفظُ على المعنى بالمُطابقةِ أو التَّضمُّنِ حقيقةً ومجازًا.

(وَ) النَّوعُ الثَّاني (إِنْ لَزِمَ) المعنى (عَنْهُ) أي: عنِ اللَّفظِ بأن يَدُلَّ على المعنى في غيرِ ما وُضِعَ له، وإنَّما يَدُلُّ من حيثُ إنَّه لازمٌ له، فهو دالٌّ عليه بالالتزامِ، (فَغَيْرُهُ) أي: فهذا المنطوقُ غيرُ صريحٍ وهو ثلاثةُ أقسامٍ: اقتضاءٌ، وإشارةٌ، وإيماءٌ؛ لأنَّ المعنى إمَّا أنْ يَكُونَ مقصودًا للمُتَكَلِّمِ ولكنْ يَتَوَقَّفُ على ما يُصَحِّحُه أو لا يَتَوَقَّفُ، أو يَكُونَ غيرَ مقصودٍ للمُتَكَلِّمِ، وجهاتُ التَّوقُّفِ ثلاثٌ: ما يَتَوَقَّفُ فيه صِدقُ اللَّفظِ، وما يَتَوَقَّفُ فيه صِحَّةُ الحُكمِ عقلًا، وما يَتَوَقَّفُ فيه صِحَّةُ الحُكمِ شرعًا.

الأوَّلُ مِنها: (وَ) هو (إِنْ قُصِدَ) أي: قَصَدَ المُتَكَلِّمُ المَعنى (وَتَوَقَّفَ الصِّدْقُ) أي: صدقُ اللَّفظِ (عَلَيْهِ) أي: على المعنى (كَـ) قولِه -صلى الله عليه وسلم-:

<<  <   >  >>