للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(«رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ) وَالنِّسْيَانُ» (١)، فإنَّ ذاتَ الخطأِ والنِّسيانِ لم يَرتفعا، فيَتَضَمَّنُ ما يَتَوَقَّفُ عليه الصِّدقُ مِن لفظِ الإثمِ والمؤاخذةِ ونحوِ ذلك.

(أَوْ) أي: والثَّاني مِن جهاتِ التَّوقُّفِ: ما يُتَوَقَّفُ فيه (الصِّحَّةُ) أي: صِحَّةُ الحُكْمِ (عَقْلًا، كَـ) ـقولِه تَعالى: ({وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (٢) أي: أهلَ القريةِ؛ إذْ لو لم يُقَدَّرْ ذلك لم يَصِحَّ ذلك عقلًا؛ إذِ القريةُ لا تُسأَلُ.

(أَوْ) أي: والثَّالثُ مِن جهاتِ التَّوقُّفِ: ما يُتَوَقَّفُ فيه صِحَّةُ الحُكْمِ (شَرْعًا، كَـ) ـقولِ القائلِ: (أَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي) على مئةٍ، فإِنَّه يُقَدَّرُ وقوعُ بيعٍ ضمنيٍّ؛ لاستدعاءِ سَبْقِ المِلكِ لتوقُّفِ العتقِ عليه.

إذا عَرَفْتَ ذلك، (فَـ) دَلالةُ اللَّفظِ في الجهاتِ الثَّلاثِ (دَلَالَةُ اقْتِضَاءٍ) لاقتضائِها شيئًا زائدًا على اللَّفظِ.

(وَ) القِسمُ الثَّاني: (إِنْ لَمْ يُقْصَدْ) أي: لم يَقصِدِ المُتكلِّمُ المَعنى مِن اللَّفظِ، كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ»، قِيلَ: وما نُقصانُ دِينِهِنَّ؟ قال: «تَمْكُثُ إِحْدَاهُنَّ شَطْرَ عُمْرِهَا لَا تُصَلِّي» (٣). (فَـ) ـهذا (دَلَالَةُ إِشَارَةٍ) لأنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لم (٤) يَقصِدْ بيانَ أكثرِ الحيضِ وأقلِّ الطُّهرِ، لكنْ لَزِمَ مِنِ اقتضاءِ المبالغةِ ذِكْرُ ذلك.

(وَ) القِسْمُ الثَّالثُ: (إِنْ لَمْ يَتَوَقَّفِ) المعنى على ما يُصَحِّحُه (وَاقْتَرَنَ) الملفوظُ به (بِحُكْمٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِتَعْلِيلِهِ) أي: لتعليلِ ذلك الحُكْمِ (كانَ) ذلك


(١) رواه ابن ماجه (٢٠٤٥)، وابن حبان (٧٢١٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٢) يوسف: ٨٢.
(٣) رواه البخاري (٣٠٤)، ومسلم (٧٩) من حديث أبي سعيد الخُدري -رضي الله عنه-.
(٤) ليس في «ع».

<<  <   >  >>