للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و (لَا) يُقبَلُ قولُ الرَّاوي: (هَذِهِ الآيَةُ) مَنسوخةٌ (أَوْ «هذا الخَبَرُ مَنْسُوخٌ» حَتَّى يُبَيِّنَ النَّاسِخَ). فإنْ قال صحابيٌّ: هذه الآيةُ منسوخةٌ، لم يُقبَلْ حَتَّى يُخبِرَ بماذا نُسِختْ، أَوْمَأَ إليه الإمامُ أحمدُ، وقَدَّمَه صاحبُ «الأصلِ»؛ لأنَّه قد يَكُونُ عنِ اجتهادٍ، فلا يُقبَلُ، وعنه: «بلى»، كقولِه: «نَزَلَتْ هذه بعدَ هذه».

(وَلَا نَسْخَ) أي: لا يُثْبُتُ النَّسخُ:

(١) (بِقَبْلِيَّةٍ فِي المُصْحَفِ)؛ لأنَّ العِبْرةَ بالنُّزولِ لا بالتَّرتيبِ في الوضعِ؛ لأنَّ النُّزولَ بحَسَبِ الحُكمِ، والتَّرتيبُ للتِّلاوةِ.

(٢) (وَلَا) يَثْبُتُ أيضًا (بِصِغَرِ صَحَابِيٍّ) على الأرجحِ؛ لأنَّ صِغَرَه لا يُؤَثِّرُ في ذلك، (أَوْ) أي: ولا بـ (تَأَخُّرِ إِسْلَامِهِ)؛ لأنَّ تأخُّرَ راوي أحدِ الدَّليلَينِ لا يَدُلُّ على أنَّ ما رَوَاه ناسخٌ للآخَرِ؛ لجوازِ تَحمُّلِه قبلَ الإسلامِ،

(٣) (وَلَا بِمُوَافَقَةِ أَصْلٍ) بأنْ يَرِدَ نَصَّانِ في حُكمٍ مُتَضادَّانِ ولم يُمكِنِ الجمعُ بينَهما، لكنَّ أحدَهما موافقٌ للبَراءةِ الأصليَّةِ، والآخَرَ مُخالِفٌ، فلا يَثبُتُ النَّسخُ بموافقةِ الأصلِ.

(٤) (وَلَا) يَثْبُتُ أيضًا (بِعَقْلٍ، و) لا بـ (قِيَاسٍ)؛ لأنَّه لا يَكُونُ ناسخًا إلَّا بتأخُّرِه عن زمانِ المنسوخِ، ولا مَدخَلَ للعقلِ [ولا للقياسِ] (١) في معرفةِ المُتقدِّمِ مِن المُتأخِّرِ، بل إِنَّمَا يُعرَفُ بالنَّقلِ المُجرَّدِ لا غيرُ.

(وَلَا يُنْسَخُ) بالبناءِ للمفعولِ (إِجْمَاعٌ) عندَ الأكثرِ؛ لأنَّه إنْ نُسِخَ بنصٍّ أو إجماعٍ قاطعينِ؛ فالأوَّلُ خطأٌ، وهو باطلٌ، وإلَّا فالقاطعُ مُقَدَّمٌ.


(١) ليس في «ع».

<<  <   >  >>