للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَائِدَةٌ)

خبَرُ التَّواتُرِ لا يُولِّدُ العِلْمَ، بلِ العِلْمُ (يَقَعُ عِنْدَهُ بِفِعْلِ اللهِ تعالى) عندَ الفقهاءِ وغيرِهم؛ لأنَّ ما ثَبَتَ منَ الأصولِ أنَّه لا مُوجِدَ إلَّا اللهُ، وهو بمَنزِلَةِ إجراءِ العادةِ بخلْقِ الولَدِ مِن المَنِيِّ، وهو قادرٌ على خلْقِه بدونِ ذلك.

(وَهُوَ) أي: المُتواترُ قِسمانِ:

(١) (لَفْظِيٌّ) وهو اشتِراكُهم في لفظٍ بعَينِه، ويَكُونُ في الكتابِ، والسُّنَّةِ، والإجماعِ.

فأمَّا الكتابُ: فقد تَقَدَّمَ أنَّ القِراءاتِ السَّبعَ متواترةٌ، وكذلك العشرُ على الأصحِّ.

وأمَّا الإجماعُ: فالمُتواترُ فيه كثيرٌ.

وأمَّا السُّنَّةُ: فالمُتواترُ فيها قليلٌ جدًّا، حَتَّى إنَّ بَعضَهم نَفاه إذا كانَ لفظيًّا، (كَحَدِيثِ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ) مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (١).

قال الأكثرُ: إنَّه متواترٌ، فإنَّه قد نَقَلَه مِن الصَّحابةِ الجَمُّ الغفيرُ، رُوِيَ عن ثلاثينَ صحابيًّا بأسانيدَ صِحَاحٍ وحِسَانٍ، وعن خمسينَ صحابيًّا غيرِهم بأسانيدَ ضِعافٍ، وعن نحوِ عشرينَ آخرينَ بأسانيدَ ساقطةٍ، وقد اعتنى جماعةٌ بجَمعِ طُرُقِه (٢).

(٢) (وَ) قسمٌ (مَعْنَوِيٌّ: وَهُوَ تَغَايُرُ الأَلْفَاظِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي مَعْنًى كُلِّيٍّ) ولو كانَ المَعنى المُشتَركُ فيه بطريقِ اللُّزُومِ (كَحَدِيثِ الحَوْضِ) أي: حوضِ


(١) رواه البخاريُّ (١١٠)، ومسلمٌ (٣) مِن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-.
(٢) منهم الطبراني في جزء مطبوع، وابن القيسراني.

<<  <   >  >>