(وَ) أمَّا حدُّ الجَدلِ اصطلاحًا فـ (هُوَ فَتْلُ الخَصْمِ عَنْ قَصْدِهِ) أي: فتلُ المُجادِلِ للخصمِ عنْ مذهبِه بالمُحَاجَّةِ فيه (لِطَلَبِ صِحَّةِ قَوْلِهِ) أي: المُجادِلِ (وَإِبْطَالُ) قَوْلِ (غَيْرِهِ) ولا يَخلُو إمَّا أنْ يَكُونَ فَتْلًا على طريقةِ السُّؤالِ، أو على طريقةِ الجوابِ، فطريقةُ السُّؤالِ للهدمِ للمذهبِ كما أنَّ طريقةَ الجوابِ البناءُ للمذهبِ؛ لأنَّ على المجيبِ أن يَبنيَ مذهبَه على الأصولِ الصَّحيحةِ وعلى السَّائلِ أنْ يُعجِزَه عن ذلك، أو عن الانفصالِ ممَّا يَلْزَمُ عليه من الأمورِ الفاسدةِ فأحدُهما معجزٌ عن قيامِ الحُجَّةِ على المذهبِ، والآخرُ مُبَيِّنٌ لقيامِ الحُجَّةِ عليه، وذلك ممَّا يَدَّعِيه كلُّ واحدٍ إلى أنْ يَظهَرَ ما يُوجِبُ استقلالَ أَحدِهما على الآخَرِ بالحُجَّةِ.
وكلُّ جدلٍ فإِنَّما يُحتاجُ إليه لأجلِ الخلافِ في المذهبِ، ولو ارتفعَ الخلافُ: لم يَصِحَّ جدلٌ.