للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ) بأنْ يُعلَمَ أو يُظَنَّ أنَّه مُتأخِّرٌ عن دليلِ الحُكمِ المُقرَّرِ الَّذِي هو ضِدُّه، وذلك الطَّريقُ من وُجوهٍ:

أحدُها: (الإِجْمَاعُ) بأنْ يُعرَفَ بالإجماعِ على أنَّ هذا ناسخٌ لهذا، كالنَّسخِ بوجوبِ الزَّكاةِ سائرَ الحقوقِ الماليَّةِ.

(وَ) الوجهُ الثَّاني مِن طريقِ معرفةِ تأخُّرِ النَّاسخِ: (قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: هذا ناسخٌ لذلك، أو هذا بعدَه، أو ما في معنى ذلك كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا» (١).

والوجهُ الثَّالثُ: أن يَنُصَّ الشَّارِعُ على خلافِ ما كانَ مُقَرَّرًا بدليلٍ، بحيثُ لا يُمكِنُ الجمعُ بينَ الدَّليلَينِ على تأخُّرِ أَحَدِهما، فيَكُونُ ناسخًا للمُتَقَدِّمِ، وهو كثيرٌ، وهو قريبٌ مِن الثَّاني.

(وَ) الوجهُ الرَّابعُ: (فِعْلُهُ) -صلى الله عليه وسلم- في ظاهرِ كلامِ الإمامِ أحمدَ، وقد جَعَلَ العلماءُ مِن ذلك: نسخُ الوضوءِ ممَّا مَسَّتِ النَّارُ بأكلِه مِن الشَّاةِ، ولم يَتَوَضَّأْ -صلى الله عليه وسلم-.

(وَ) الوجهُ الخامسُ: (قَوْلُ الرَّاوِي)، بأنْ يَقُولَ: («كانَ كَذَا وَنُسِخَ»، أَوْ) يَقُولَ: (رَخَّصَ) لنا (فِي كَذَا) كقولِه: «رُخِّصَ لَنَا فِي المُتْعَةِ (ثُمَّ نُهِيَ عَنْهُ، وَنَحْوُهُمَا) كأنْ يَقُولَ: هذا مُتأخِّرُ الورودِ عنِ الأوَّلِ، فيَكُونُ ناسخًا له كقولِ عليٍّ -رضي الله عنه-: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ ثمَّ قَعَدَ» (٢)، وفي مَعنى ذلك كثيرٌ.


(١) رواه مسلم (٩٧٧).
(٢) رواه مسلم (٩٦٢) بنحوه.

<<  <   >  >>