للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدَّليلُ رُجْحَانًا، فهو راجحٌ، أَلَا تَرَى أنَّك أَسْنَدْت التَّرجيحَ إلى نفسِك إسنادَ الفعلِ إلى (١) الفاعلِ، وأسندتَ الرُّجحانَ إلى الدَّليلِ، فلذلك كانَ التَّرجيحُ وصفَ المستدلِّ والرُّجحانُ وَصفَ الدَّليلِ، فهذه الطَّريقةُ التَّصريفيَّةُ مُفيدةٌ في معرفةِ رُسُومِ بعضِ الأشياءِ.

(وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الرَّاجِحِ) مِن الأدلَّةِ على المرجوحِ منها؛ لأنَّ العملَ بالأرجحِ مُتَعَيِّنٌ عقلًا وشرعًا وقد عَمِلَ الصَّحابةُ به مُجمِعينَ عليه، وهو أمرٌ مُفيدٌ معقولٌ، فلا مانعَ له مِن لُحُوقِ الأدلَّةِ والمقتضى موجودٌ، وهو وجوبُ الوصولِ إلى الحقِّ بما يُمكِنُ مِن الظَّنِّ أو العلمِ، ويَكُونُ التَّرجيحُ بينَ الدَّليلَينِ المتعارضينِ إذا وُجِدَ في أحدِهما مُرَجِّحٌ وإلَّا تَعادَلَا، وسَبَقَ أنَّ تَعادُلَ القطعيَّينِ والقطعيِّ والظَّنِّيِّ محالٌ، فما بَقِيَ إلَّا تعارُضُ الظَّنِّيَّينِ وحينئذٍ يُحتاجُ إلى التَّرجيحِ، قاله في «شرح الأصل».

وتَرجيحاتُ الأدلَّةِ الظَّنِّيَّةِ مُوصِلَةٌ إلى التَّصديقاتِ الشَّرعيَّةِ، وقد قُسِّمَ ثلاثةَ أقسامِ؛ لأنَّ التَّعَارُض بينَهما.

(وَ) التَّرجيحُ لا يَخلُو مِن أنْ (يَكُونَ بَيْنَ مَنْقُولَيْنِ) كنَصَّينِ (وَمَعْقُولَيْنِ) كقِياسَيْنِ (وَمَنْقُولٍ وَمَعْقُولٍ) كنَصٍّ وقياسٍ.

القِسمُ (الأَوَّلُ) الَّذِي بينَ منقولينِ يَكُونُ (فِي السَّنَدِ) وهو طريقُ ثبوتِ التَّرجيحِ، (وَ) في (المَتْنِ) وهو باعتبارِ مرتبةِ دَلالتِه، (وَ) في (مَدْلُولِ اللَّفْظِ) أي: في الحُكمِ المدلولِ مِن الحرمةِ والإباحةِ ونحوِهما، (وَ) فيما يَنْضَمُّ إليه مِن (أَمْرٍ خَارِجٍ)، فهذه أربعةُ أنواعٍ:


(١) في «ع»: على.

<<  <   >  >>