للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا) ترجيحَ (فِي المَذَاهِبِ الخَالِيَةِ عَنْ دَلِيلٍ) كأنْ يُقالَ: مذهبُ الشَّافعيِّ أرجحُ مِن مذهبِ أبي حنيفةَ، ونحوُ ذلك؛ لأنَّ المذاهبَ لتَوافُرِ انْهِرَاعِ النَّاسِ إليها وتَعويلِهم عليها صارَتْ كالشَّرائعِ والمللِ المختلفةِ، ولا ترجيحَ في الشَّرائعِ، ولو كَانَ للتَّرجيحِ مدخلٌ في المذاهبِ لاضطربَ النَّاسُ، ولم يَستقرَّ أحدٌ على مذهبٍ، ومَورِدُ التَّرجيحِ إِنَّمَا هو الأدلَّةُ الظَّنِّيَّةُ مِن الألفاظِ المسموعةِ، كنُصوصِ الكتابِ والسُّنَّةِ وظواهرِهما والمعاني المعقولةِ، كأنواعِ الأقيسةِ والشَّبِيهاتِ المستفادةِ مِن النُّصوصِ، فحيثُ اختصَّ التَّرجيحُ بالأدلَّةِ الظَّنِّيَّةِ فلا مَدخَلَ له في المذاهبِ مِن (١) غيرِ تمسُّكٍ بدليلٍ.

وقالَ الطُّوفِيُّ: الصَّحيحُ المختارُ أنَّ للتَّرجيحِ مَدخلًا في المذاهبِ مِن حيثُ الإجمالُ والتَّفصيلُ إذا دَلَّ عليه الدَّليلُ (٢).

ثمَّ قالَ: التَّرجيحُ في المذاهبِ واقعٌ بالإجماعِ، وهو دليلُ الجوازِ قطعًا (٣).

(وَلَا) تَرجيحَ (بَيْنَ عِلَّتَيْنِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّ) واحدةٍ (مِنْهُمَا طَرِيقًا لِلْحُكْمِ مُنْفَرِدَةً) لأنَّه لا يَصلُحُ ترجيحُ طريقٍ على ما لَيْسَ بطريقٍ.

(وَرُجْحَانُ الدَّلِيلِ) صفةٌ قائمةٌ بالدَّليلِ أو مضافةٌ إليه، وهي (كَوْنُ الظَّنِّ المُسْتَفَادِ مِنْهُ أَقْوَى) مِن الظَّنِّ المستفادِ مِن غيرِه، كالمستفادِ مِن قياسِ العِلَّةِ بالنِّسبةِ إلى قياسِ الشَّبَهِ أو مِن الخاصِّ بالنِّسبةِ إلى العامِّ، ويَظهَرُ لك الفرقُ بينَ التَّرجيحِ والرُّجحانِ مِن جهةِ التَّصريفِ اللَّفظيِّ، فإنَّك تَقولُ: رَجَّحْتُ الدَّليلَ تَرجْيحًا، فأنا مُرَجِّحٌ، والدَّليلُ مُرَجَّحٌ بفتحِ الجيمِ، وتَقولُ: رَجَحَ


(١) زاد في «ع»: حيث الإجمال والتفصيل.
(٢) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٦٨٥).
(٣) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٦٨٦).

<<  <   >  >>