للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَيَحْرُمُ) التَّقليدُ (فِي):

(١) الأحكامِ (١) الأُصُوليَّةِ الكُلِّيَّةِ كـ (مَعْرِفَةِ اللهِ) سبحانَه و (تَعَالَى، وَالتَّوْحِيدِ) أي: وحدانيَّةِ اللهِ -عز وجل-، (وَ) صِحَّةِ (الرِّسَالَةِ) ونَحوِها من القطعيَّاتِ الظَّاهرةِ الأدلَّةِ، فإنَّ العامِّيَّ إذا رأى العالِمَ باختلافِ أجناسِه وأنواعِه وحركاتِه وما فيه مِن الحكمةِ والإتقانِ عَلِمَ بالضَّرورةِ أنَّ له صانعًا، وإنْ قَصُرَتْ عبارتُه عن تقريرِ دليلِ الدَّورِ والتَّسلسلِ الدَّالِّ على وجودِ الصَّانعِ، وإذا رأى العالَمَ جاريًا على نظامِ الحُكمِ عَلِمَ أنَّ صانعَه لا مُنازِعَ له فيه ولا شريكَ كما عُلِمَ في مستقرِّ العادةِ مِن أنَّ الأشياءَ تَفسُدُ بتعدُّدِ المتنازعينَ (٢) فيها، وإن لم يُمكِنْه تقريرُ الدَّليلِ مِن قولِه تَعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٣)، واستدلَّ بأمرِه تَعَالَى بالتَّدبُّرِ والتَّفكُّرِ والنَّظرِ، ولَمَّا نَزَلَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٤) الآياتِ، قالَ -عليه السلام-: «وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهُنَّ وَلَمْ يَتَدَبَّرْهُنَّ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» (٥)، والإجماعُ على وُجوبِ معرفةِ اللهِ تَعالى، ولا يَحصُلُ بتقليدٍ لجوازِ كذبِ المُخبرِ واستحالةِ حصولِه.

(٢) (وَ) يَحرُمُ التَّقليدُ فِيما عُلِمَ كونُه مِن الدِّينِ ضَرورةً كـ (أَرْكَانِ الإِسْلَامِ الخَمْسِ) وهي: الشَّهادتانِ والصَّلَاةُ والزَّكاةُ والصِّيامُ والحَجُّ، (وَنَحْوُهَا مِمَّا تَوَاتَرَ وَاشْتَهَرَ) لاشتراكِ العامِّيِّ وغيرِه في العِلْمِ بذلك؛ إذِ التَّقليدُ يَستدعي جَهلَ المقلِّدِ بما قَلَّدَ فيه، وذلك مستحيلٌ فيما عُلِمَ بالضَّرورةِ، والعلمُ بهذه الأركانِ بالضَّرورةِ الحاصلةِ عن التَّواتُرِ والإجماعِ وهُما مُرَكَّبانِ مِن المعقولِ والمنقولِ، وليسَ المرادُ بالضَّرورةِ العقليَّةِ المحضةِ.


(١) في «ع»: أحكام.
(٢) في «د»: المنازعين.
(٣) الأنبياء: ٢٢.
(٤) البقرة: ١٦٤.
(٥) رواه ابن حبان (٦٢٠) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <   >  >>