(فَصْلٌ)
في ذِكْرِ شُروطِ العِلَّةِ
(مِنْ شُرُوطِهَا:
(١) ألَّا تَكُونَ مَحَلَّ الحُكْمِ) كقَوْلِنا: الخمرُ حرامٌ؛ لأنَّه مُسكِرٌ مُعتَصَرٌ مِن العِنبِ، (وَلَا جُزْءَهُ) أي: جزءَ مَحَلِّ الحُكْمِ (الخَاصَّ) كالتَّعليلِ باعتصارِه مِن العِنبِ فقطْ، وهو الصَّحيحُ، واستُدلَّ له بأنَّ العِلَّةَ لو كانَتْ للمَحَلِّ كانَتْ قاصرةً؛ لأنَّه لو تَحَقَّقَ بخصوصِه في الفرعِ: اتَّحَدَ، وكذا جزؤُه.
تنبيهٌ: تقييدُ الجزءِ بالخاصِّ تَحَرُّزٌ مِن المُشتَركِ بينَ المَحَلِّ وغيرِه، فإنَّ ذلك لا يَكُونُ إلَّا في العِلَّةِ المُتعدِّيةِ؛ كتعليلِ إباحةِ البيعِ بكونِه عقدَ مُعاوَضَةٍ، فإنَّ جزءَه المُشتَركَ وهو عقدُه الَّذِي هو شاملٌ للمُعاوَضَةِ وغيرِها لا يُعَلَّلُ به.
(٢) (وَ) منها: أن (لَا) تَكُونَ (قَاصِرَةً)، فإنْ كانَتْ مُتعدِّيَةً: عُمِلَ بها، وإنْ كانَتْ قاصرَةً وثَبَتَتْ عِلَّتُها بنصٍّ أو إجماعٍ: جازَ العملُ بها اتِّفاقًا، وإنْ كانَتْ قَاصِرَةً (مُسْتَنْبَطَةً) فاختلفَ العلماءُ فيها على قولينِ، هما روايتانِ عنِ الإمامِ أحمدَ:
إحداهما: لا يُعَلَّلُ بها، وعليه أكثرُ أصحابِه.
والقولُ الثَّاني: يُعَلَّلُ بها، وعليه الأكثرُ.
قال المَجدُ: ثَبَتَ مذهبًا لأحمدَ حيثُ عَلَّل الرِّبَا في النَّقدينِ بالثَّمَنِيَّةِ (١).
واستدلَّ له بحصولِ الظَّنِّ بأنَّ الحُكمَ لأجلِها ولا مَعنى للصِّحَّةِ سوى ذلك، وكالثَّابتةِ بنصٍّ أو إجماعٍ.
(١) «المسودة في أصول الفقه» (ص ٤١١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute