للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَالِاسْتِعْلَاءُ: طَلَبٌ بِغِلْظَةٍ) والمُرادُ بالاستعلاءِ: أنْ يَجعَلَ الآمِرُ نَفْسَه عاليًا بكبْريائِه، أو غيرِ ذلك، سواءٌ كانَ في نفسِ الأمرِ كذلك أو لا.

(وَالعُلُوُّ: كَوْنُ الطَّالِبِ (١) في نَفْسِه (أَعْلَى رُتْبَةً) مِن المطلوبِ، فالاستعلاءُ مِن صفةِ صيغةِ الآمِرِ وهيئةِ نُطْقِه مثلًا، والعُلوُّ منَ الصِّفاتِ العارضةِ للأمرِ.

إذا عَلِمْتَ ذلك فالاستعلاءُ: صفةٌ للكلامِ، والعُلوُّ: صفةٌ للمُتكلِّمِ.

(وَتَرِدُ صِيغَةُ افْعِلْ) لمعانٍ كثيرةٍ، اختارَ منها صاحبُ الأصلِ ثمانيةً وعشرينَ، وتَبِعَه المُصَنِّفُ، وذَكَرَ جماعةٌ مِنَ العلماءِ غيرُهما مِمَّا فيه نَظَرٌ:

أحدُها: أنَّها تَرِدُ (لِوُجُوبٍ) كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (٢).

ومنه أيضًا: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (٣)، {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} (٤).

(وَ) الثَّاني: لـ (نَدْبٍ) كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «اسْتَاكُوا» (٥).

(وَ) الثَّالثُ: لـ (إِبَاحَةٍ) كقولِه تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (٦).

تنبيهٌ: إِنَّمَا تُستفادُ الإباحةُ مِن خارجٍ، فلهذه القَرينةِ يُحمَلُ الأمرُ عليها مجازًا بعلاقةِ المُشابهةِ المعنويَّةِ؛ لأنَّ كلًّا مِنهما مأذونٌ فيه.


(١) في «مختصر التحرير» (ص ١٣٣): طالب.
(٢) رواه البخاريُّ (٦٣١) من حديثِ مالكِ بنِ الحُويرثِ -رضي الله عنه-.
(٣) الطَّلاق: ٧.
(٤) البقرة: ٢٨٢، ٢٨٣.
(٥) رواه أحمد (١٨٣٥) من حديث العباس -رضي الله عنه-، وضعَّفه النووي في «خلاصة الأحكام» (١٠٣).
(٦) المائدة: ٢.

<<  <   >  >>