للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَنَصْبُ هَذِهِ) الأشياءِ وهي: العِلَّةُ، والسَّببُ، والشَّرطُ، والمانعُ، حالَ كونِها (مُفِيدَةً مُقْتَضِيَاتِهَا) أي: لتُفِيدَ ما اقْتَضَتْه مِن الأحكامِ (حُكْمًا شَرْعِيًّا)،

ومُقتضِيَاتُها أيضًا: حُكْمٌ شَرعِيٌّ؛ أي: قضاءٌ مِن الشَّارعِ بذلك، فجَعلُ الزِّنا سببًا لوُجُوبِ الحدِّ حُكمٌ شرعيٌّ، ووُجُوبُ الحدِّ حُكْمٌ آخَرُ؛ وذلك أنَّ للهِ تَعالى في الزَّاني حُكمَينِ: وجوبُ الحدِّ وهو حُكْمٌ لفظيٌّ، وسببُه الزِّنا أي: كونُ الزِّنا سببًا لوجوبِ الحدِّ حُكمٌ آخَرُ، وكذلك وجوبُ حَدِّ القذفِ، مع جَعلِ القَذفِ سببًا له، ونظائرُه كثيرةٌ.

(وَمِنْهُ) أي: مِن خطابِ الوَضْعِ: (فَسَادٌ، وَصِحَّةٌ) اختَارَه أصحابُنا وغيرُهم؛ لأنَّهما مِن الأحكامِ، وليسا داخلَينِ في الاقتضاءِ والتَّخييرِ؛ لأنَّ الحُكمَ بصِحَّةِ العِبادةِ وبطلانِها لا يُفهَمُ مِنه اقتضاءٌ ولا تخييرٌ، فكانا مِن خطابِ الوَضعِ.

(وَهِيَ) أي: الصِّحَّةُ (فِي عِبَادَةٍ: سُقُوطُ القَضَاءِ) للعِبادةِ (بِالفِعْلِ) أي: بفِعلِها عندَ الفقهاءِ؛ لأنَّ وجوبَ القضاءِ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بعدَ خروجِ الوقتِ، لا سِيَّمَا إذا قُلْنَا بأمرٍ جديدٍ لا بالأمرِ الأوَّلِ، وإذا لم يَجِبْ فكيف يَسقُطُ؟!

والصِّحَّةُ عندَ المُتكلِّمِينَ وغيرِهم: موافقةُ الأمرِ، وَجَبَ القضاءُ أم لا، ورُدَّ ذلك بما تَقَدَّمَ.

قال في «شرحِ الأصلِ»: ثمَّ إنَّ هذا قامَ (١) على مُؤَقَّتٍ يَدخُلُه القضاءُ، والبحثُ في صِحَّةِ العبادةِ مُطلقًا (٢).


(١) في «التَّحبير شرح التَّحريرِ»، و «الفوائد السنية» (١/ ٢٦٦): قاصر.
(٢) «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١٠٣٨).

<<  <   >  >>