للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لإرفاقِ المُستدلِّ وتقريبِ الفائدةِ، واستدلَّ له بأنَّه قد لا يُساعِدُه الدَّليلُ على الكلِّ، أو يُساعِدُه غيرَ أنَّه لا يُعَلِّلُ على دَفعِ الخصمِ بأنْ يَكُونَ كلامُه في بعضِ الصُّوَرِ أَشْكَلَ، فيستفيدُ بالفرضِ غرضًا صحيحًا، ولا يَفْسُدُ بذلك جوابُه؛ لأنَّ مِن سُئِلَ عن الكلِّ، فقد سُئِلَ عنِ البعضِ.

(وَ) على هذا (يَكْفِي) المُستدلَّ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ الحُكْمُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلَزِمَ ثُبُوتُهُ فِي البَاقِي) منها ضرورةَ ألَّا قَائِلَ بالفرقِ.

(وَإِنْ أَتَى) المُستدلُّ (بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ فِي الأَصْلِ، لـ) قصدِ (دَفْعِ النَّقْضِ: لَمْ يَجُزْ) عندَ الجمهورِ ويَحتمِلُ أنْ يَجُوزَ؛ لأنَّه محتاجٌ إليه لتَعَلُّقِ الحُكمِ بالوصفِ المُؤَثِّرِ.

وقال في «التمهيد» (١): إنْ أَتَى في العِلَّةِ بما لا أَثَرَ له، نحوُ: الجمعةُ صلاةٌ مفروضةٌ، فلم تَفتقِرْ إلى إِذْنٍ كغيرِها، قِيلَ: يَضُرُّ دُخولُه؛ لأنَّه بعضُ العِلَّةِ، وقِيلَ: لا فارقَ فيه تَنبيهًا على أنَّ غيرَ الفرضِ أَوْلى ألَّا يَفتقرَ؛ ولأنَّه يُريدُ تَقريبَه من الأصلِ، فالأَوْلَى ذِكْرُه، وإنْ أَتَى به تأكيدًا، فكلامُه يَقتضي مَنْعَه بخلافِه لزيادةِ بيانٍ.

القادحُ التَّاسِعُ والعاشرُ والحاديَ عَشَرَ والثَّانيَ عَشَرَ: ما اشتهرَ باسمِ القَدحِ، فالمذكورُ أربعةُ أنواعٍ، وهذه الأربعةُ المخصوصةُ بالمناسبةِ:

أحدُها: (القَدْحُ فِي مُنَاسَبَةِ الوَصْفِ) للحُكْمِ المُستَدَلِّ عليه (بِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ مَفْسَدَةٍ رَاجِحَةٍ) على المصلحةِ الَّتي مِن أجلها قُضِيَ عليه بالمناسبةِ، (أَوْ مُسَاوِيَةٍ) لها وذلك لِما سَبَقَ مِن أنَّ المناسبةَ تَنخَرِمُ بالمعارضةِ، وإنَّما


(١) «التمهيد في أصول الفقه» للكَلْوَذاني (٤/ ١٣٥).

<<  <   >  >>