للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إيقاعَ المأمورِ به على سبيلِ الطَّاعةِ والامتثالِ. والقصدُ إلى ذلك إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ بعدَ الفهمِ؛ لأنَّ مَن لا يَفهَمُ لا يُقالُ له: افهمْ، فلا يُكَلَّفُ مراهقٌ على الصَّحيحِ؛ لأنَّه لم يَكْمُلْ فَهمُه فيما يَتَعَلَّقُ بالمقصودِ، فنَصَبَ الشَّارعُ له علامةً ظاهرةً وهو البلوغُ، فجُعِلَ أمارةً لظهورِ العقلِ وكمالِه.

و (لَا) يُشتَرَطُ في مَحكومٍ عليه (حُصُولُ شَرْطٍ شَرْعِيٍّ) لصحَّةِ الفعلِ، كاشتِراطِ الإسلامِ لصِحَّةِ العباداتِ.

إذا عَلِمْتَ ذلك: (فَالكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِالفُرُوعِ) عندَ أكثرِ الأصحابِ، لوُرودِ الآياتِ الشَّاملةِ لهم، مثلُ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (١)، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (٢)، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (٣)، {يَابَنِي آدَمَ} (٤)، {يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} (٥)، وغيرِ ذلك مِمَّا لا يُحصَى، (كـ) ما أنَّهم مُخاطَبون بـ (الإِيمَانِ) وَالإِسْلَامِ إجماعًا، والكفرُ غيرُ مانعٍ لإمكانِ إزالتِه، كالآمِرِ بالكتابةِ والقلمُ حاضرٌ يُمكِنُه تناولُه.

وأيضًا فقد وَرَدَ الوعيدُ على ذلك، أو ما يَتَضَمَّنُه، نحوُ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} الآيةَ (٦)، وأَوْضَحُ منه قولُه تَعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} (٧) أي: فوقَ عذابِ الكُفرِ.


(١) البقرة: ٤٣، ٨٤، ١١٠، النِّساء: ٧٧، النُّور: ٥٦.
(٢) البقرة: ١٨٣.
(٣) آل عمران: ٩٧.
(٤) الأعراف: ٢٦، ٢٧، ٣١، ٣٥، ويس: ٦١.
(٥) البقرة: ١٧٩، ١٩٧، والمائدة: ١٠٠، والطَّلاق: ١٠.
(٦) المدثر: ٤٢.
(٧) النَّحل: ٨٨.

<<  <   >  >>