للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابٌ)

الاستدلالُ بالكتابِ والسُّنَّةِ مُتوقِّفٌ على معرفةِ بقاءِ الحُكْمِ أو ارتفاعِه، وهو بيانُ النَّسخِ وأحكامِه.

و (النَّسْخُ) له معنيانِ: مَعنًى في اللُّغةِ ومَعنًى في الشَّرعِ،

فمَعناه (لُغَةً): الرَّفعُ و (الإِزَالَةُ حَقِيقَةً) عندَ الأكثرِ كـ «نَسَخَتِ الشَّمسُ الظِّلَّ»؛ أي: رَفَعَتْه وأزالَتْه.

(وَ) يُطلَقُ النَّسخُ أيضًا ويُرادُ به (النَّقْلُ مَجَازًا) عندَ الأكثرِ، وهو نوعانِ:

أحدُهما: النَّقلُ معَ عدمِ بقاءِ الأوَّلِ كالمناسخاتِ في المواريثِ، فإنَّها تَنتقلُ مِن قومٍ إلى قومٍ معَ بقاءِ المواريثِ في نَفْسِها.

والنَّوعُ الثَّاني: النَّقلُ معَ بقاءِ الأوَّلِ، فيَكُونُ المرادُ مُماثلتَه كنسخِ الكتابِ، ومنه قولُه تَعالى: {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١).

تنبيهٌ: وجهُ كَوْنِ النَّسخِ حقيقةً في الرَّفعِ مَجازًا في النَّقلِ أنَّ الرَّفعَ أخصُّ مِن النَّقلِ، فيَكُونُ أَوْلَى بحقيقةِ النَّسخِ، أمَّا أنَّ الرَّفعَ أخصُّ [مِن النَّقلِ] (٢) فلأنَّ الرَّفعَ يَستلزمُ النَّقلَ، والنَّقلُ لا يَستلزمُ الرَّفعَ (٣) فيَكُونُ أخصَّ، فهو أَوْلى بحقيقةِ اللَّفظِ؛ لأنَّ الأخصَّ أدلُّ وأبينُ وأوضحُ، فيَكُونُ بالحقيقةِ أَوْلَى.

(وَ) مَعنى النَّسخِ (شَرْعًا: رَفْعُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَرَاخٍ) عنِ الحُكمِ، ومَعنى الرَّفعِ: إزالةُ الشَّيءِ على وجهٍ لَولاه لبَقِيَ ثابتًا على مثالِ


(١) الجاثية: ٢٩.
(٢) ليس في «د».
(٣) في «د»: النقل.

<<  <   >  >>