للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَجِبُ إدخالُه في صُلبِ القِيَاسِ، بل إذا أَوْرَدَه المُعتَرضُ لَزِمَ جوابُه بما يَدفَعُه كسائرِ الأسئلةِ، ولأنَّ فيه تنبيهًا للمُعتَرضِ على موضعِ النَّقضِ، وفي ذلك نشرُ الكلامِ وتَبَدُّدُه، وهو خلافُ المطلوبِ مِن المناظرةِ. ومَن أَوْجَبَه قالَ: لأنَّ فيه حَسْمَ مادَّةِ الشَّغَبِ وانتشارَ الكلامِ، وسدًّا لبَابِه، فكانَ واجبًا لِما فيه مِن صيانةِ الكلامِ عن التَّبديلِ (١).

(وَإِنِ احْتَرَزَ) المستدلُّ (عَنْهُ) أي: عن نقضِ العِلَّةِ (بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ فِي الحُكْمِ) بأنْ قَيَّدَه بشرطٍ أو وَصفٍ (صَحَّ) ذلك، وانْدَفَعَ النَّقضُ في الأصحِّ.

مثالُه: أن يَقُولَ المُعلِّلُ: حُرَّانِ مُكَلَّفانِ مَحْقُونَا الدَّمِ، فجَرَى بينَهما القصاصُ في العمدِ كالمُسلِميْنِ، فمَن زَعَمَ اندفاعَ النَّقضِ بذلك قالَ: الشَّرطُ المتأخِّرُ وهو العمدُ الَّذِي قُيِّدَ به الحكمُ هو أحدُ أوصافِ العِلَّة حُكمًا، وإنْ تَأَخَّرَ في اللَّفظِ حَتَّى كأنَّه قالَ في هذا المثالِ: حُرَّانِ مُكَلَّفانِ مَحْقُونا الدَّمِ قَتَلَ أحدُهما الآخَرَ عمدًا، فجَرَى بينَهما القصاصُ كالمُسلِمين، وإذا كانَ التَّقديرُ في المعنى هذا المثالُ وَجَبَ اعتبارُه؛ لأنَّ العبرةَ نحوَ الأصلِ إِنَّمَا هي بالأحكامِ لا بالألفاظِ.

(وَإِنِ احْتَرَزَ) المستدلُّ (بِحَذْفِ الحُكْمِ: لَمْ يَصِحَّ) كقولِ حنفيٍّ في الإحدادِ على المُطلَّقَةِ: بائنٌ كالمُتَوَفَّى عنها زوجُها، فينتقضُ بصغيرةٍ وذِمِّيَّةٍ فيَقُولُ: قَصَدْتُ التَّسويَةَ بينَهما، فيُقالُ: التَّسويَةُ بينَهما حكمٌ، فيحتاجُ إلى أصلٍ يُقاسُ عليه.

القادحُ الرَّابِعَ عَشَرَ: (الكَسْرُ) وهو إبداءُ الحكمةِ بدونِ الحكمِ، وحُكمُه أنَّه غيرُ واردٍ على العِلَّة على الصَّحيحِ (كَالنَّقْضِ) وقد سَبَقَ تعريفُه أيضًا.


(١) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٥٠١).

<<  <   >  >>