للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَإِنْ نَقَضَ أَحَدُهُمَا) أي: المُعتَرضُ أو المُستدلُّ (عِلَّةَ الآخَرِ بِأَصْلِ نَفْسِهِ) لم يَجُزْ عندَ أصحابِنا وغيرِهم.

قالَ ابنُ البَاقِلَّانِيِّ: له وجهٌ، فإنْ سَلَّمَه خصمُه، وإلَّا دَلَّ عليه (أَوْ زَادَ المُسْتَدِلُّ وَصْفًا مَعْهُودًا مَعْرُوفًا في العِلَّةِ؛ لَمْ يَجُزْ) ويَتَوَجَّهُ احتمالٌ وفاقًا لبعضِ الجَدَلِيِّينَ؛ لأنَّه تَرَكَه سهوًا أو سَبَقَ لسانُه، فعُذِرَ.

(وَإِنْ نَقَضَ) المُعتَرضُ دليلًا لمُستدلٍّ (بِمَنْسُوخٍ، أَوْ بِـ) حُكمٍ (خَاصٍّ بِهِ -صلى الله عليه وسلم- رُدَّ نَقْضُه في الأصحِّ، (أَوْ) نَقَضَه (بِرُخْصَةٍ ثَابِتَةٍ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ) رُدَّ، (أَوْ) نَقَضَه (بِمَوْضِعِ اسْتِحْسَانٍ: رُدَّ) نقضُه عندَ أصحابِنا، ومثَّل (١) أبو الخطَّابِ بما إذا سَوَّى بينَ العَمْدِ والسَّهوِ فيما يُبْطِلُ العبادةَ، فينتقضُ بأكلِ الصَّائِمِ.

وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَقُولُ المُعتَرضُ: النَّصُّ دَلَّ على انتقاضِه فيَكُونُ آكَدَ للنَّقضِ (٢).

(وَيَجِبُ أَنْ يَحْتَرِزَ المُسْتَدِلُّ فِي دَلِيلِهِ عَنْ) صورةِ (النَّقْضِ) على الصَّحيحِ.

مثالُه: أنْ يُقالَ في مسألةِ النَّبَّاشِ: سَرَقَ نصابًا كاملًا مِن حِرزِ مِثْلِه، وليسَ أبًا ولا مَديونًا للمسروقِ منه، فيَلْزَمُه القطعُ، ويُقالُ: قتلٌ عمدٌ عدوانٌ خالٍ عن مانعِ الإيلاءِ والمِلكِ والتَّفاوُتِ في الدِّينِ، فأَوْجَبَ القصاصَ.

قالَ الطُّوفِيُّ: ولا نِزاعَ في استحبابِ هذا الاحتِرازِ، وإنَّما النِّزاعُ في وجوبِه، فمن لم يُوجِبْه يَقُولُ: إنَّ النَّقضَ سؤالٌ خارجٌ عن القِيَاسِ، فلا


(١) في «د»: ومثله.
(٢) «الواضح في أصول الفقه» (٢/ ٢٥٨).

<<  <   >  >>