للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ الآمِدِيُّ: الكسرُ نقضٌ على العِلَّةِ دونَ ضابِطِها (١).

قالَ الطُّوفِيُّ: الضَّابطُ هو ما رَتَّبَ الشَّرعُ عليه الحُكمَ؛ لكَوْنِه مَظِنَّةَ حصولِ الحكمةِ، كالقتلِ العمدِ العدوانِ الَّذِي رُتِّبَ عليه القصاصُ؛ لكَوْنِه مَظِنَّةَ حِفظِ النُّفوسِ، وكإيلاجِ الفرجِ في فرجٍ مُحَرَّمٍ رُتِّبَ عليه الحدُّ؛ لكونِه مَظِنَّةَ حِفْظِ الأنسابِ وأشباهِ هذا.

مثالُ ذلك: قولُ الحنفيِّ في العاصي بسَفَرِه: يَتَرَخَّصُ؛ لأنَّه مسافرٌ، فيَتَرَخَّصُ كالمسافرِ سفرًا مباحًا، فإذا قيلَ له: لِمَ قُلْتَ إنَّه يَتَرَخَّصُ؟ قالَ: لأنَّه يَجِدُ مَشَقَّةً في سفرِه، فناسَبَ التَّرخُّصُ وقد شَهِدَ له الأصلُ المذكورُ بالاعتبارِ. فيقولُ الحنبليُّ: هذا يَنكَسِرُ بالمُكاري وَالفَيِّجِ ونحوِهما مِمَّن دَأْبُه السَّفرُ يَجِدُ المَشَقَّةَ ولا يَتَرَخَّصُ (٢).

القادحُ الخامسَ عَشَرَ: (المُعَارَضَةُ فِي الأَصْلِ بِمَعْنًى آخَرَ) وهي مُفاعلةٌ مِن عَرَضَ له يَعرِضُ إذا وَقَفَ بينَ يديْه أو عارَضَه في طريقِه ليَمنَعَه النُّفوذَ فيه، فكأنَّ المعترضَ يَقِفُ بينَ يديِ المُستدلِّ أو يُوقِفُ حُجَّتَه بينَ يديْ دليلِه ليَمنَعَه مِن النُّفوذِ في إثباتِ الدَّعوى، ومَعناها أنَّ يُبيِّنَ المُعتَرضُ في الأصلِ الَّذِي قاسَ عليه المُستدلُّ مقتضيًا آخَرَ للحُكمِ غيرَ ما ذَكَرَه المُستدلُّ، وحينئذٍ لا يَتَعَيَّنُ ما ذَكَرَه المُستدلُّ لأنْ يَكُونَ مُقتضيًا -أي: عِلَّةً للحُكمِ- بل يَحتملُ أنْ يَكُونَ عِلَّةُ الحُكمِ هو الوصفَ الَّذِي ذَكَرَه المُستدلُّ، ويَحتملُ أنْ يَكُونَ عِلَّةَ الوصفينِ جميعًا الَّذِي عَلَّلَ به المُستدلُّ، والَّذي بَيَّنَه المُعتَرضُ، وهي:


(١) «الإحكام في أصول الأحكام» (٤/ ٩٢).
(٢) «شرح مختصر الروضة» (٣/ ٥١١).

<<  <   >  >>