للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَستحِقُّ الإنسانُ التَّقديمَ تارةً لشجاعتِه، وتارةً لعِلْمِه، وتارةً لجاهِه، وتارةً لدينِه، وتارةً لجمالِه، وغيرِ ذلك مِن الجهاتِ.

إذا عَرَفْتَ ذلك (فَيُقَدَّمُ) مِن أدلَّةِ الشَّرعِ:

(١) (إِجْمَاعٌ) على باقيها؛ لوجهين:

أحدُهما: كونُه قاطعًا مَعصومًا من الخطأِ بشهادةِ المعصومِ -عليه السلام- في قولِه: «إِنَّ اللهَ أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ: ألَّا يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ فَتَهْلِكُوا جَمِيعًا، وَألَّا يَظْهَرَ أَهْلُ البَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الحَقِّ، وَألَّا تَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ» (١). والأحاديثُ كثيرةٌ في مِثلِ هذا، وإنْ كانَ في بعضِ سندِها ضعفٌ، فهي تُقَوِّي بَعضَها.

والوجهُ الثَّاني: كونُه آمنًا مِن النَّسخِ والتَّأويلِ، بخلافِ باقي (٢) الأدلَّةِ، فإنَّ النَّسخَ يَلْحَقُها والتَّأويلَ يَتَّجِهُ عليها.

(ثُمَّ) إذا نُقِلَ إجماعانِ مُتضادَّانِ فـ (سَابِقٌ) مِنهما معمولٌ به، ظاهرُه سواءٌ كانَا في عصرٍ واحدٍ أو عصرينِ؛ لأنَّ كلَّ مَنِ اجتهدَ مِن المُتأخِّرينَ فقولُه باطلٌ لمخالفتِه الإجماعَ السَّابقَ.

(وَ) إنْ كانَ أحدُهما مُختلفًا فيه، والآخَرُ مُتَّفقًا عليه فـ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَوْ أَقْوَى) بأنْ كانَ الخلافُ في كونِه إجماعًا [أَضعَفَ، فيُقَدَّمُ على ما كانَ الخلافُ في كونِه إجماعًا] (٣) أقوى.


(١) رواه أبو داود (٤٢٥٣) من حديث أبي مالك الأشعري -رضي الله عنه-.
قال ابن كثير في «تحفة الطالب» (٣٥): في إسناده نظر.
(٢) ليس في «د».
(٣) ليس في «د».

<<  <   >  >>