للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَـ) الأوَّلُ منهما (إِنْ وَافَقَ) المسكوتُ عنه المنطوقَ في الحُكمِ (فَـ) هو (مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ، وَيُسَمَّى) مفهومُ المُوافقةِ («فَحْوَى الخِطَابِ» وَ «لَحْنَهُ») أي: لحنَ الخطابِ، (وَ) زادَ القاضي (١) وغيرُه في تسميتِه: (مَفْهُومَهُ) أي: مفهومَ الخطابِ، وسَمَّى جماعةٌ الأَولى فَحوَى الخطابِ، والمُساويَ لحنَ الخطابِ.

مثالُ فحوى الخطابِ: ما يُفهَمُ منه بطريقِ القطعِ، كدَلالةِ تحريمِ التَّأفيفُ على تحريمِ الضَّربِ، فهو أَوْلى مِنه بالتَّحريمِ؛ لأنَّه أشدُّ منه،

ولحنُ الخطابِ أي: مَعناه، وهو ما لاحَ في أثناءِ اللَّفظِ، مأخوذٌ مِن قولِه تَعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} (٢) أي: في مَعناه،

مثالُه: إحراقُ مالِ اليتيمِ الدَّالُّ عليه نظرًا في المعنى في قولِه تَعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (٣)، فالإحراقُ مُساوٍ لأكلِ مالِهم بواسطةِ الإتلافِ في الصُّورتَينِ، وحَكَى الماورديُّ في الفرقِ بينَ فَحوى الخطابِ ولحنِه وجهينِ:

أحدُهما: ما سَبَقَ.

والثَّاني: أنَّ الفَحوى ما نَبَّهَ عليه اللَّفظُ، واللَّحنَ ما يَكُونُ مُحالًا على غيرِ المرادِ في الأصلِ والوضعِ، والمفهومُ ما يَكُونُ المرادُ به المظهرَ والمسقطَ. انتهى.

إذا عُرف ذلك، فتحريمُ الضَّربِ مِن قولِه تَعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (٤) مِن بابِ التَّنبيهِ بالأدنى وهو التَّأفيفُ على الأعلى وهو الضَّربُ.


(١) «العدة في أصول الفقه» (٢/ ٤٨٠).
(٢) محمد: ٣٠.
(٣) النساء: ١٠.
(٤) الإسراء: ٢٣.

<<  <   >  >>