للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(١) كلمةُ (إِنَّمَا بِكَسْرِ) الهمزةِ، (وَ) كذا بـ (فَتْحِـ) ـها، (تُفِيدُ الحَصْرَ) عندَ أكثرِ العلماءِ، قالوا: إنَّ (١) «إِنَّمَا» تُفيدُ الحصرَ، وهو إثباتُ الحُكمِ في المذكورِ ونفيُه عمَّا عَدَاه، قال بعضُ أصحابِنا وغيرُهم: تُفيدُه (نُطْقًا) وقالَ بعضُهم وأكثرُ العلماءِ: تُفيدُه فَهْمًا، ولهم طرقٌ في إفادتِها الحصرَ، أقواها نقلُ أهلِ اللُّغةِ، واستقراءُ استعمالاتِ العربِ إيَّاها في ذلك، ولجوازِ «إِنَّمَا المَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ» (٢) يَعني قلبَه ولسانَه؛ أي: كمالُه بهذينِ العُضوينِ لا بهيئتِه ومنظرِه.

(وَقَدْ تَرِدُ) «إِنَّمَا» (لِتَحْقِيقِ مَنْصُوصٍ لَا لِنَفْيِ غَيْرِهِ) أي: غيرِ المنصوصِ، نحوُ: «إِنَّمَا الكَرِيمُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ» (٣).

(٢) (وَ) مِن صيغِ الحصرِ المعتبَرِ مفهومُه حصرُ المبتدأِ في الخبَرِ، فلفظُ: («تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (٤)،

(٣) وَ) قولُ القائلِ: (صَدِيقِي) زيدٌ، (أَوِ: «العَالِمُ» زَيْدٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ) كالقائمِ زيدٌ، (وَلَا قَرِينَةَ عَهْدٍ؛ يُفِيدُ الحَصْرَ نُطْقًا) على الصَّحيحِ، وقِيلَ: يُفيدُه فهمًا، ولحصرِ المبتدأِ في الخبَرِ صيغتانِ:

إحداهما: نحوُ: صديقي زيدٌ، قاله المُحقِّقون مُستدِلِّينَ بأنَّ «صديقي» عامٌّ، فإذا أُخبِرَ عنه بخاصٍّ وهو زيدٌ، كانَ حصرًا لذلك العامِّ، وهو


(١) ليست في «د».
(٢) من أمثال العرب، ينظر «أمثال العرب» للضبي (ص ٢٩).
(٣) رواه البخاري (٣٣٩٠) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٤) رواه أبو داود (٦١)، والترمذي (٣)، وابن ماجه (٢٧٥) من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.

<<  <   >  >>