للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختارَ الآمِدِيُّ (١) وغيرُه الأوَّلَ؛ لأنَّه لا فائدةَ في الأمارةِ سوى تعريفِ الحُكمِ، وقد عُرِفَ بالخطابِ، ولأنَّها مُعرِّفَةٌ لحُكمِ الأصلِ، فهو فَرعُها وهي مستنبطةٌ منه فهي فرعُه، فيَلْزَمُ الدَّورُ، وفيه نظرٌ؛ لجوازِ كَوْنِ فائدتِها تعريفَ حُكْمِ الفرعِ، وبَنى أصحابُنا على قولِهم: «العِلَّةُ مُجَرَّدُ أمارةٍ وعلامةٍ» صِحَّةَ التَّعليلِ باللَّقبِ، نصَّ عليه أحمدُ (٢).

(فَيَصِحُّ تَعْلِيلٌ بِلَقَبٍ) مثالُه: تعليلُ الرِّبَا في النَّقدينِ بكونِهما ذهبًا وفِضَّةً، وتعليلُ ما يُتَيَمَّمُ به بكونِه ترابًا، وما يُتَوَضَّأُ به بكونِه ماءً.

والمرادُ باللَّقبِ: ما لَيْسَ بمُشتَقٍّ، لا الَّذِي هو أحدُ أقسامِ العِلْمِ فقطْ، قاله البِرْمَاوِيُّ (٣).

فيَصِحُّ التَّعليلُ به عندَ الأكثرِ (كَـ) ما يَصِحُّ (بِمُشْتَقٍّ) اتِّفاقًا، وذلك كاسمِ الفاعلِ والمفعولِ والصِّفَةِ المُشَبَّهةِ، ونحوِ ذلك، فهو جائزٌ على مَعنى أنَّ المَعنى المُشتقَّ ذلك منه هو عِلَّةُ الحُكْمِ، نحوُ: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (٤)، {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٥)، «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ» (٦)، وغيرِ ذلك ممَّا لا يَنحصِرُ.


(١) «الإحكام» (٣/ ٢٠٢).
(٢) ينظر: «التحبير شرخ التحرير» (٧/ ٣١٨٧)، و «شرح الكوكب المنير» (٤/ ٤٢).
(٣) «الفوائد السنية في شرح الألفية» (٤/ ٤٥١).
(٤) التوبة: ٥.
(٥) المائدة: ٣٨.
(٦) رواه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>