وقولُه:(لِذَاتِهِ) احتِرازٌ مِن مُقارَنةِ الشَّرطِ وجودَ السَّببِ، فيَلْزَمُ الوجودُ، أو قيامَ المانعِ، فيَلْزَمُ العَدَمُ، لكنْ لا لذاتِه، وهو كونُه شرطًا، بل لأمْرٍ خارجٍ وهو مقارنةُ السَّببِ أو قيامُ المانعِ.
إذا عَرَفْت ذلك، فالشَّرطُ المذكورُ على ضَربَينِ:
(١)(فَإِنْ أَخَلَّ عَدَمُهُ) يَعني إنْ كانَ عدمُ الشَّرطِ مُخِلًّا (بِحِكْمَةِ السَّبَبِ: فَـ) هو (شَرْطُ السَّبَبِ)، وذلك (كَقُدْرَةٍ عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ) فإنَّها شرطُ البيعِ الَّذِي هو سببُ ثُبُوتِ المِلْكِ المُشتمِلِ على المَصلحةِ، وهي حاجةُ الانتفاعِ بالمَبيعِ، وهي مُتوَقِّفةٌ على التَّسليمِ، فكانَ عَدَمُه مُخِلًّا بحكمةِ المصلحةِ الَّتي شُرِعَ لها البيعُ.
(وَ) الثَّاني: (إِنِ اسْتَلْزَمَ عَدَمُهُ حِكْمَةً تَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ) يَعني إنِ اشتملَ عَدَمُ الشَّرطِ على حُكمٍ يَقتضي نقيضَ حِكمةِ السَّببِ مَعَ بقاءِ حِكمةِ السَّببِ؛ (فَـ) ذلك (شَرْطُ الْحُكْمِ) وذلك كالطَّهارةِ في بابِ الصَّلاةِ، فإنَّ عَدَمَ الطَّهارةِ حالَ القُدرةِ عليها مع الإتيانِ بالصَّلاةِ، يَقتضي نقيضَ حِكمةِ الصَّلاةِ، وهو العقابُ، فإنَّه نقيضُ وصولِ الثَّوابِ.
(وَهُوَ) أي: مُطلَقُ الشَّرطِ تَقَدَّمَ في الفائدةِ أنَّ له إطلاقاتٍ:
(١) منها (عَقْلِيٌّ) وهو للمُتَكَلِّمينَ: (كَحَيَاةٍ لِعِلْمٍ)؛ لأنَّ مِن شرطِ العِلْمِ الحياةَ، فإذا انْتَفَتِ الحياةُ انْتَفَى العِلْمُ، ولا يَلْزَمُ مِن وُجودِ الحياةِ وُجودُ العِلْمِ.