للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(بَابٌ)

(الظَّاهِرُ لُغَةً) خلافُ الباطنِ، وهو: (الوَاضِحُ) المنكشفُ، ومنه ظهورُ الأمرِ إذا اتَّضَحَ وانكشفَ، ويُطلَقُ على الشَّيءِ الشَّاخصِ المُرتفعِ، كما أنَّ الظَّاهرَ منَ الأشخاصِ: هو المرتفعُ الَّذِي تُبادِرُ إليه الأبصارُ، كذلك في المعاني.

(وَ) أمَّا الظَّاهرُ (اصْطِلَاحًا) أي: عندَ الأُصُولِيِّينَ: (مَا) أي: لفظٌ (دَلَّ دَلَالَةً) لفظيَّةً (ظَنِّيَّةً وَضْعًا) كأسدٍ، (أَوْ) ظَنِّيَّةً (عُرْفًا) كغائطٍ، فالظَّاهرُ الَّذِي يُفيدُ معنًى معَ احتمالِ غيرِه، لكنَّه ضعيفٌ فبسببِ ضعفِه خفيٌّ، فلذلك سُمِّيَ اللَّفظُ لدَلالتِه على مقابلِه -وهو القويُّ- ظاهرًا كالأسدِ، فإِنَّه ظاهرٌ في الحيوانِ المُفتَرسِ في دَلالةِ اللَّفظِ الواحدِ معَ احتمالِ إرادةِ الرَّجُلِ الشُّجاعِ مجازًا، وقولي: «في دَلالةِ اللَّفظِ الواحدِ» ليَخرُجَ المُجملُ معَ المُبيَّنِ، فإِنَّه وإنْ أفادَ مَعنًى لا يَحتملُ غيرَه فإِنَّه لا يُسَمَّى مِثلُه نصًّا.

(وَالتَّأْوِيلُ لُغَةً (١) مَصدَرُ أَوَّلْتُ الشَّيءَ إذا فَسَّرْتُه، وهو لغةً: (الرُّجُوعُ) مِن آلَ إذا رَجَعَ؛ لأنَّه رجوعٌ مِن الظَّاهرِ إلى الَّذِي آلَ إليه في دَلالته، قال اللهُ تَعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} (٢) أي: ما يَؤُولُ إليه بَعثُهم ونُشورُهم، ومنه قولُه تَعالى: {ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} (٣) أي: طلبَ ما يَؤُولِ إليه مَعناه.

فائدةٌ: فَرَّقَ بعضُهم بينَ التَّأويلِ والتَّفسيرِ: أنَّ التَّأويلَ أكثرَ ما يُستعمَلُ في المعاني، وأكثرُه في الجملِ، والتَّفسيرُ في الألفاظِ، وأكثرُه في مفرداتِ الألفاظِ.


(١) ليس في «ع».
(٢) الأعراف: ٥٣.
(٣) آل عمران: ٧.

<<  <   >  >>