للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استدراكِه، وذلك أنَّه لَمَّا شَرَعَ وتَلَبَّسَ بأفعالِه تَضَيَّقَ الوقتُ عليه، وذلك كما لو تَلَبَّسَ بأفعالِ الصَّلاةِ مع أنَّ الصَّلاةَ واجبٌ مُوَسَّعٌ.

(وَفِعْلُ صَلَاةٍ بَعْدَ تَأْخِيرِ قَضَائِهَا لَا يُسَمَّى قَضَاءَ القَضَاءِ) لِامتناعِه وتَسلسُلِه.

(وَإِنْ حُدَّ) وقتُ العِبادةِ مِن الطَّرفينِ، كالصَّلواتِ الخَمسِ وسُنَنِها، (وُصِفَتْ بِالثَّلَاثَةِ) فإنْ فُعِلَتْ في وَقتِها المحدودِ مَرَّةً كانَتْ أداءً، وإلَّا كانَتْ قَضاءً، وإنْ فُعِلَتْ ثانيًا كانَتْ إعادةً (سِوَى جُمُعَةٍ) فإنَّها لو فاتَتْ لا تُوصَفُ بالقضاءِ، وإنَّما تُصَلَّى ظهرًا، وتُوصَفُ بالأداءِ وبالإعادةِ إنْ حَصَلَ فيها خللٌ وأَمْكَنَ تَدارُكُها في وقتِها.

إذا عَلِمْتَ ذلك:

(فَالأَدَاءُ: مَا فُعِلَ فِي وَقْتِهِ المُقَدَّرِ لَهُ أَوَّلًا شَرْعًا).

فقولُه: «ما فُعِلَ»: جنسٌ للأداءِ وغيرِه.

وقولُه: «فِي وَقتِه المُقَدَّرِ»: يُخرِجُ القضاءَ، وما لم يُقَدَّرْ له وقتٌ، كإنكارِ المُنكَرِ إذا ظَهَرَ، وإنقاذِ الغريقِ إذا وُجِدَ، والنَّوافلِ المُطلَقَةِ.

وقولُه: «أوَّلًا»: ليُخرِجَ ما فُعِلَ في وَقتِه المُقَدَّرِ له شرعًا، لكنَّه في غيرِ الوقتِ الَّذِي قُدِّرَ له أوَّلًا شرًعا، كالصَّلاةِ إذا ذَكَرَها، أو استيقظَ بعدَ خروجِ الوقتِ، فإذا فَعَلَها بعدَ ذلك، فهو وقتٌ ثانٍ (١) لا أوَّلَ، فلم تَكُنْ أداءً لقولِه -عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» (٢)، ويُخرِجَ


(١) في (ع): ثاني.
(٢) رواه مسلمٌ (٦٨٤) من حديثِ أنسٍ -رضي الله عنه- قال: قال رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}.

<<  <   >  >>