للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

راجعانِ إلى القيامِ، لا إلى البُنُوَّةِ الواقعةِ في المسنَدِ إليه، ولهذا قال مالكٌ وبعضُ الشَّافعيَّةِ: إذا شَهِدَ شاهدانِ أنَّ فلانَ بنَ فلانٍ وَكَّلَ فلانًا فهي شهادةٌ بالوكالةِ فقط، ولا تُنسَبُ إليهما الشَّهادةُ بالنَّسَبِ البتَّةَ.

قُلْتُ: وقواعدُ مَذهبِنا تَقتضي ذلك (١). انتهى.

قالَ الكُورَانِيُّ: لكنْ جَعَلَ الفقهاءُ هنا المقصودَ تَبَعًا كالمقصودِ أصالةً؛ لأنَّ تلك النِّسبةَ الإضافيَّةَ في قُوَّةِ الخبَريَّةِ (٢).

(وَمِنْهُ) أي: ومِن الخبَرِ ما هُوَ:

(مَعْلُومٌ صِدْقُهُ، و) ما هو معلومٌ (كَذِبُهُ، وَ) ما هو (مُحْتَمِلٌ) للصِّدقِ والكذبِ، وقد تَقَدَّمَ أنَّه مُحتمِلٌ لهما؛ أي: مِن حَيْثُ ذاتُه، لكنْ قد يَعرِضُ له ما يَقتضي القطعَ بصِدقِه أو كذبِه.

(فَالأَوَّلُ) وهو الَّذِي يَقتضي القطعَ بصِدقِه أنواعٌ:

أحدُها: ما هو (ضَرُورِيٌّ بِنَفْسِهِ) أي: بنَفْسِ الخبَرِ، بتَكَرُّرِ الخبَرِ مِن غيرِ نظرٍ (كَمُتَوَاتِرٍ): وهو الَّذِي بَلَغَتْ رُواتُه حدَّ التَّواتُرِ سواءٌ كان لفظيًّا، أو معنويًّا، على ما يَأتي تفسيرُهما.

(وَ) الثَّاني: مَا هُوَ ضَرُورِيٌّ (بِغَيْرِهِ) أي: بغيرِ نَفْسِ الخَبَرِ، (كَمُوَافِقٍ لِضَرُورِيٍّ) ويَعني به: ما يَكُونُ مُتَعَلَّقُه مَعلومًا لكلِّ أحدٍ مِن غيرِ كسبٍ وتَكَرَّرَ، نحوُ: الواحدُ نِصفُ الاثنينِ.

(وَ) الثَّالثُ: ما يَكُونُ غيرَ ضروريٍّ وهو (نَظَرِيٌّ كَخَبَرِ اللهِ تعالى، وَ) خبَرِ


(١) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٧٤٢ - ١٧٤٣).
(٢) «الدُّرر اللَّوامع في شرح جمع الجوامع» (٣/ ٣١).

<<  <   >  >>