فصلاةُ مَن ظَنَّ الطَّهارةَ صحيحةٌ على قولِ الُمتكلِّمينَ فقطْ. فكأنَّهم نَظَرُوا لظنِّ المُكلَّفِ، والفقهاءُ لِما في نَفْسِ الأمرِ، والقضاءُ واجبٌ على القولينِ، وهو الصَّحيحُ، والخلافُ بينَ الفريقينِ لفظيٌّ.
(وَ) الصِّحَّةُ (فِي مُعَامَلَةٍ: تَرَتُّبُ أَحْكَامِهَا) أي: أحكامِ المُعاملةِ (المَقْصُودَةِ بِهَا) أي: بالمُعاملةِ (عَلَيْهَا) لأنَّ العقدَ لم يُوضَعْ إلَّا لإفادةِ مقصودِ كمالِ النَّفعِ في البيعِ، ومِلْكِ البُضعِ في النِّكاحِ، فإذا أفادَ مقصودًا فهو صحيحٌ، وحصولُ مَقصودِه هو تَرَتُّبُ حُكمِه عليه؛ لأنَّ العقدَ مُؤثِّرٌ لحُكمِه، ومُوجِبٌ له.
تنبيهٌ: أكثرُ الأُصُوليِّينَ يُفرِدُ كلَّ واحدٍ مِن الصِّحَّةِ في العباداتِ، والصِّحَّةِ في المُعاملاتِ بحَدٍّ؛ لأنَّ جَمْعَ الحقائقِ المختلفةِ في حدٍّ واحدٍ لا يُمكِنُ، لكنَّ ذلك مخصوصٌ بما إذا أُريدَ تَمييزُ الحقيقةِ عنِ الأُخرى بالذَّاتيَّاتِ، وأمَّا غيرُه فيَجُوزُ، فلذلك جَمَعَ بينَهما في تعريفٍ واحدٍ لصِدقِه عليهما، فقال:
(وَيَجْمَعُهُمَا: تَرَتُّبُ أَثَرٍ مَطْلُوبٍ) يَعني يَجمَعُ العِبادةَ والمُعاملةَ في الحدِّ: تَرتُّبُ الأثرِ المطلوبِ (مِنْ فِعْلِ) العِبادةِ والمعاملةِ (عَلَيْهِ) أي: على ذلك الفِعلِ.
قالَ الكُورَانِيُّ: لو قِيلَ: الصِّحَّةُ مُطلقًا عبارةٌ عن تَرَتُّبِ الأثرِ المطلوبِ مِن الفعلِ عليه، لِشَمْلِ العباداتِ مِن غيرِ تطويلٍ؛ لكانَ أَوْلَى، غايتُه: أنَّ ذلك الأثرَ عندَ المُتكلِّمينَ: موافقةُ الشَّرعِ، وعندَ الفقهاءِ: إسقاطُ القضاءِ (١). انتهى.
(١) «الدُّررُ اللَّوامعُ في شرحِ جَمْعِ الجَوامعِ» (١/ ٢٧٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute