للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثَّاني: لحنُ الخطابِ، نحوُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (١) فيَعُمُّ إحراقَه، ونحوُ: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (٢) فيَعُمُّ الأذى بلسانِه ويدِه.

والثَّالثُ: ما نُسِبَ الحُكْمُ فيه لذاتِه، وإنَّما تَعَلَّقَ في المعنى بفعلٍ اقتضاه الكلامُ، نحوُ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (٣) فإنَّ العُرفَ نَقَلَه إلى تحريمِ الأكلِ على العُمومِ.

وعمومُه بالعقلِ في ثلاثةِ أمورٍ:

أحدُها: ترتيبُ الحُكمِ على الوصفِ، نحوُ: حُرِّمَتِ الخمرُ للإسكارِ؛ فإنَّ ذلك يَقتضي أنْ يَكُونَ عِلَّةً له، والعقلُ يَحكُمُ بأنَّه كُلَّما وُجِدَتِ العلَّةُ وُجِدَ المعلولُ، وكُلَّما انتفتْ يَنتفي.

والثَّاني: مفهومُ المُخالفةِ عندَ القائلِ به، كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ» (٤) فإنَّه بمفهومه يَدُلُّ على أنَّ مطلَ غيرِ الغنيِّ عُمومًا لا يَكُونُ ظلمًا.

والثَّالثُ: إذا وَقَعَ جوابًا لسؤالٍ، كما لو سُئِلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عمَّن أفطرَ، فقال: عليه الكفَّارةُ. فيُعلَمُ أنَّه يَعُمُّ كلَّ مفطرٍ.

(فائدةٌ: سَائِرُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى بَاقِيهِ) عندَ الأكثرِ، وعليه الاستعمالُ؛ فإنَّ «سائرَ» بمعنى «أَسْأَرَ»؛ أي: أَبْقَى، فهو مِن السُّؤْرِ، وهو البقيَّةُ، فلا يَعُمُّ.


(١) النِّساء: ١٠.
(٢) الإسراء: ٢٣.
(٣) المائدة: ٣.
(٤) رواه البخاري (٢٢٨٧)، ومسلم (١٥٦٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>