(وَالمَانِعُ) اسمُ فاعلٍ مِن المنعِ، وهو في الاصطلاحِ: (مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ العَدَمُ) وهذا احتِرازٌ مِن السَّببِ، وتَقَدَّمَ.
وقولُه: (وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ) احتِرازٌ مِن الشَّرطِ، وتَقَدَّمَ أيضًا.
وقولُه: (لِذَاتِهِ) احتِرازٌ مِن مقارنةِ المانعِ وُجودَ سببٍ آخَرَ، فإنَّه يَلْزَمُ الوجودُ لا لعدمِ المانعِ، بل لوجودِ السَّببِ الآخَرِ، كالمُرتدِّ القاتلِ لوَلَدِه، فإنَّه يُقتَلُ بالرِّدَّةِ، وإن لم يُقتَلْ قصاصًا؛ لأنَّ المانعَ إِنَّمَا هو لأحدِ السَّببينِ.
(وَهُوَ) أي: المنْعُ المدلولُ عليه بالمانِعِ (إِمَّا) أن يكُونَ:
- (لِحُكْمٍ) فهو وصفٌ وجوديٌّ ظاهرٌ مُنضبطٌ مُستلزمٌ لِحكمةٍ تَقتضي نقيضَ حُكْمِ السَّبَبِ مع بقاءِ حُكْمِ المُسَبَّبِ، (كَأُبُوَّةٍ فِي قِصَاصٍ) مع القتلِ العَمدِ العُدوانِ، وهو كونُ الأبِ سَبَبًا لوجودِ الوَلَدِ، فلا يَحسُنُ كونُه سببًا لعدمِه، فيَنتفي الحُكمُ مع وجودِ مُقتضاه وهو القتلُ، وسُمِّيَ مانعَ الحُكْمِ لأنَّ سَبَبَه مع بقاءِ حِكمتِه لم يُؤَثِّرْ.
- (أَوْ) أي: وإمَّا أنْ يَكُونَ المنعُ (لِسَبَبِهِ) أي: سببِ الحُكمِ، فهو وصفٌ يُخِلُّ وُجودُه بحِكمةِ السَّببِ، (كَدَيْنٍ) في زكاةٍ (مَعَ مِلْكِ نِصَابٍ)، ووجه ذلك: أنَّ حكمةَ وُجوبِ الزَّكاةِ في النِّصابِ الَّذِي هو السَّببُ: كثرتُه كثرةً تَحتمِلُ المُواساةُ مِنه شُكرًا على نعمةِ ذلك، لكنْ لمَّا كانَ المَدينُ مُطالَبًا بصرفِ الَّذِي يَملِكُه بالدَّينِ صارَ كالعَدمِ، وسُمِّيَ مانعَ السَّببِ؛ لأنَّ حِكمتَه فُقِدَتْ مع وجودِ صُورتِه فقطْ، فالمانعُ يَنتفي الحُكمُ لوجودِه، والشَّرطُ يَنتفي الحُكمُ لانتفائِه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute