للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تَقَرَّرَ ذلك (فَـ) البيانُ (بِنَظَرٍ إِلَى) الإطلاقِ (الأَوَّلِ) الَّذِي هو التَّبيينُ (إِظْهَارُ المَعْنَى) أي: معنى المُبيَّنِ (لِلْمُخَاطَبِ) وإيضاحُه له.

(وَ) البيانُ بنظرٍ (إِلَى) الإطلاقِ على (ثَانٍ) أي: ما حَصَلَ به التَّبيينُ هو (الدَّلِيلُ) لصِحَّةِ إطلاقِه عليه لُغةً وعُرفًا معَ عدمِ ما سَبَقَ، والأصلُ الحقيقةُ.

(وَ) البيانُ بنظرٍ (إِلَى) الإطلاقِ على (ثَالِثٍ) أي: مُتَعَلَّقِ التَّبيينِ، ومَحَلُّه هو (العِلْمُ) الحاصلُ (عَنْ دَلِيلٍ).

إذا عَرَفْتَ ذلك، فالبيانُ أنواعٌ مختلفةُ المراتبِ بَعضُها أَجْلَى مِن بعضٍ: فمنه ما لا يَحتاجُ لتَدبُّرٍ، ومنه ما يَحتاجُ له، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا» (١)، فبيَّنَ أنَّ بعضَ البيانِ أظهرُ مِن بعضٍ، ويَدُلُّ عليه أنَّ اللهَ تعالى خاطَبَنا بالنَّصِّ والظَّاهرِ وبالمنطوقِ والمفهومِ، والعُمومِ وغيرِ ذلك، ولذلك عندَ الشَّافعيِّ (٢) لكلٍّ مِن الأنواعِ بابٌ، فقالَ: بابُ البيانِ الأوَّلِ، بابُ البيانِ الثَّاني، وهكذا.

فائدةٌ: قال في «شرح الأصل»: لنا مِن المُجمَلِ قِسمٌ يَستمِرُّ بلا بيانٍ إلى آخِرِ الدَّهرِ، وذلك عندَ عدمِ الحاجةِ إلى بيانِه بألَّا يَكُونَ مِن دلائلِ الأحكامِ المُكَلَّفِ بها (٣).

(وَ) أمَّا إن كانَ مِن دلائلِ الأحكامِ المُكَلَّفِ بها وأُريدَ بالخطابِ إفهامُ المُخاطَبِ ليَعمَلَ به؛ فـ (يَجِبُ لِمَا أُرِيدَ فَهْمُهُ) اتِّفاقًا بأنْ يُبَيَّنَ له ذلك على


(١) رواه البخاري (٥١٤٦) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) «الرسالة» (ص ٢٦، ٢٨).
(٣) «التحبير شرح التحرير» (٦/ ٢٨٠٤).

<<  <   >  >>