للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

لَمَّا فَرَغَ مِن أحكامِ الخبَرِ المُتواتِرِ شَرَعَ يُبَيِّنُ أحكامَ الآحادِ، فقال:

(وَمِنَ الخَبَرِ: آحَادٌ) فالآحادُ: جمْعُ أحدٍ، كبَطَلٍ وأبطالٍ، وهمزةُ أَحَدٍ مُبْدَلَةٌ مِن الواحدِ، وأصلُ آحادٍ أَأْحَادٍ بهَمْزَتَينِ أُبْدِلَتِ الثَّانيةُ أَلِفًا كآدمَ.

(وَهُوَ) أي: خبَرُ الآحادِ: (مَا عَدَا التَّوَاتُرَ) فالأخبارُ قِسمانِ: تواترٌ، وآحادٌ، لا غيرُ، فلا واسطةَ بينَهما، فالآحادُ قسيمُ التَّواتُرِ، فخبَرُ الواحدِ ما لم يَنْتَهِ إلى رُتبةِ التَّواتُرِ: إمَّا بأنْ يَروِيَه مَن هو دونَ العددِ الَّذِي لا بدَّ مِنه في التَّواتُرِ على الخلافِ فيه، أو يَروِيَه عددُ التَّواتُرِ، ولكنْ لم يَنْتَهوا إلى إفادةِ العِلْمِ باستحالةِ تَواطُئِهم على الكذبِ، أو لم يَكُنْ ذلك في كلِّ الطَّبقاتِ، أو كانَ ولكنْ لم يُخبِروا عن محسوسٍ على القولِ باشتِراطِه في المُتواترِ، أو غيرِ ذلك مِمَّا يُعتبَرُ في المُتواترِ.

فالآحادُ: هو الَّذِي لا يُفِيدُ العِلْمَ واليقينَ، يَعني أنَّه لا يُفيدُ العلمَ الضَّروريَّ، فلا يَقْصُرُونَ اسمَ الآحادِ على ما يَرويه الواحدُ كما هو حقيقةٌ فيه، بل يُريدُون به ما لا يُفيدُ العِلْمَ ولو كانَ مِن عددٍ كثيرٍ، ولو أفادَ خبَرُ الواحدِ العِلمَ بانضمامِ قرائنَ، أو بالمُعجزةِ، فليسَ منه اصطلاحًا، فاصطلاحُهم مُخالِفٌ للُّغةِ طردًا وعكسًا.

(فَدَخَلَ) في الآحادِ مِن الأحاديثِ: خبَرٌ (مُسْتَفِيضٌ مَشْهُورٌ).

قالَ البِرْمَاوِيُّ: أرجحُ الأقوالِ وأقواها أنَّ المشهورَ قِسْمٌ مِن الآحادِ، ويُسَمَّى أيضًا: المُستفيضَ (١).


(١) «الفوائد السنيّة في شرح الألفيّة» (٢/ ٣٦).

<<  <   >  >>