للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(١) (مَا اخْتَصَّ) أي: ما كانَ (مِنْ أَفْعَالِهِ -صلى الله عليه وسلم- مُخْتَصًّا (بِهِ) من: واجبٍ، ومحظورٍ، ومباحٍ، وكراهةٍ (١) مخصوصٌ (٢) به (وَاضِحٌ) لأنَّ له -صلى الله عليه وسلم- خصائصَ كثيرةً أُفْرِدَتْ بالتَّصنيفِ (٣).

(٢) (وَمَا كَانَ) مِن أفعالِه -صلى الله عليه وسلم- (جِبِلِّيًّا) واضحًا، (كَنَوْمٍ) وأكلٍ، وذهابٍ، ونحوِها، فمباحٌ؛ لأنَّه لَيْسَ مقصودًا به التَّشريعُ، ولا تَعَبَّدَنا به، ولذلك نُسِبَ إلى الجِبِلَّةِ: وهي الخِلْقَةُ، لكنْ لو تَأَسَّى به مُتأسٍّ فلا بأسَ، كما فَعَلَ ابنُ عمرَ رَضِيَ اللهُ تعالى عنهما: فإنَّه كانَ إذا حَجَّ يَجُرُّ بخطامِ ناقتِه حَتَّى إنَّه بَرَّكَها حَيْثُ بَرَكَتْ نَاقتُه -صلى الله عليه وسلم- تَبَرُّكًا بآثارِه، وإنْ تَرَكَه لا رغبةً عنه، ولا استكبارًا: فلا بأسَ.

(٣) (أَوْ) أي: وما كانَ مِن أفعالِه -صلى الله عليه وسلم- (يَحْتَمِلُهُ) أي: يَحتملُ الجِبلِّيَّ وغيرَه، من حَيْثُ إنَّه واظَبَ عليه: (كَجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ) وركوبِه في الحجِّ، ودُخولِه في مكَّةَ مِن كَدَاءٍ، (وَلُبْسِهِ) النَّعلَ (السِّبْتِيَّ) والخاتَمَ،

(فَمُبَاحٌ) عندَ الأكثرِ، وقيل: مندوبٌ، وهو أظهرُ وأصحُّ، وهو ظاهرُ فِعلِ الإمامِ أحمدَ، فإنَّه تَسَرَّى واختفى في الغارِ ثلاثةَ أيَّامٍ، ثمَّ انتقلَ إلى موضعٍ آخرَ اقتداءً بفِعلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال: ما بَلَغَني حديثٌ إلَّا عَمِلْتُ به، حَتَّى أَعطى الحَجَّامَ دينارًا.


(١) في (ع)، (د). والمثبت من نسخة على حاشية (ع).
(٢) في (ع): فخصوصه.
(٣) على رأسها: كتاب «الشمائل» للترمذي، و «الشفا» للقاضي عياض، و «الخصائص» للسيوطي.

<<  <   >  >>