للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولُ مَن قال: مَعناه: والرَّاسخون في العلمِ يَعلَمُونه قائلينَ: آمَنَّا به، وزَعْمُ: أنَّ موضعَ {يَقُولُونَ} نصبٌ على الحالِ، فعامَّةُ أهلِ اللُّغةِ يُنكِرُونه ويَسْتَبْعِدُونه؛ لأنَّ العربَ لا تُضمِرُ الفعلَ والمفعولَ معًا، وتَذكُرُ حالًا إلَّا مع ظهورِ الفعلِ، فإذا لم يَظهَرْ فعلٌ: فلا يَكُونُ حالًا.

(وَيَحْرُمُ تَفْسِيرُهُ) أي: القُرآنِ:

- (بِرَأْيٍ)؛ لقولِه -عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ قَالَ فِي القُرْآنِ بِرَأْيِهِ، وَبِمَا لَا يَعْلَمُ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رَوَاه أبو داودَ (١)، والتِّرمذيُّ (٢)، والنَّسائيُّ (٣) عنِ ابنِ عبَّاسٍ.

- (وَ) يَحرُمُ أيضًا تفسيرُ القُرآنِ بـ (اجْتِهَادٍ بِلَا أَصْلٍ) أي: بلا مُستنَدٍ؛ للآثارِ الواردةِ في ذلك، واحتجَّ القاضي (٤) بقولِه تَعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٥)، وبقولِه تَعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٦)، فأضافَ التَّبْيِينَ إليه.

و (لَا) يَحرُمُ تفسيرُه (بمُقْتَضَى اللُّغَةِ) عندَ الإمامِ أحمدَ وأكثرِ أصحابِه؛ لأنَّ القُرآنَ عربيٌّ، والمنقولُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: الاحتجاجُ في التَّفسيرِ بمُقتضى اللُّغةِ كثيرٌ (٧).


(١) «سننُ أبي داودَ» (٣٦٥٢).
(٢) «جامعُ التِّرمذيِّ» (٢٩٥١).
(٣) «سُننُ النَّسائيِّ الكبرى» (٨٠٣١).
(٤) «العُدة في أصول الفقه» (٣/ ٧١٠).
(٥) الأعراف: ٣٣.
(٦) النَّحل: ٤٤.
(٧) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١٤٧١)، و «شرح الكوكب المنير» (٢/ ١٥٨).

<<  <   >  >>