للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابٌ)

(العَامُّ) والخاصُّ يَتَعَلَّقانِ بمدلولِ الخِطابِ، باعتبارِ المُخاطَبِ به، ولهذا أَخَّرَهما عنِ الأمرِ والنَّهيِ؛ لتَعَلُّقِهما بنفسِ الخِطابِ الشَّرعيِّ.

وذَكَرَ الطُّوفِيُّ للعامِّ حُدودًا كلُّها مُعتَرَضَةٌ (١)، وقالَ بعدَها: وقيلَ: اللَّفظُ إنْ دَلَّ على الماهيَّةِ من حَيْثُ هيَ هِيَ؛ فهو المُطلَقُ كالإنسانِ، أو على وَحدةٍ مُعيَّنةٍ، كزيدٍ؛ فهو العَلَمُ، أو غيرَ مُعَيَّنةٍ، كرجلٍ؛ فهو النَّكرةُ، أو على وَحداتٍ مُتعدِّدةٍ، فهي: إمَّا بعضُ وحداتِ الماهيَّةِ، فهو اسمُ العددِ كعشرينَ رجلًا، أو جميعُها فهو العامُّ (٢).

فإذنْ هو: (لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَاهِيَّةِ مَدْلُولِهِ) أي: مدلولِ اللَّفظِ وهو أجودُ الحدودِ، فهو مستفادٌ مِن التَّقسيمِ المذكورِ؛ لأنَّ التَّقسيمَ الصَّحيحَ يَرِدُ على جنسِ الأقسامِ، ثمَّ يُمَيِّزُ بعضَها عن بعضٍ بذِكْرِ خواصِّها الَّتي تَتَمَيَّزُ بها، فيَتَرَكَّبُ كلُّ واحدٍ مِن أقسامِه مِن جنسِه المُشتَركِ، ويُمَيَّزُ الخاصَّ وهو الفصلُ، ولا مَعنى للحدِّ إلَّا اللَّفظُ المُركَّبُ مِن الجنسِ والفصلِ.

(وَ) قد (يَكُونُ) العامُّ (مَجَازًا) في الأصحِّ كقولِه: «رَأَيْتُ الأُسُودَ على الخيولِ»، فالمجازُ هنا كالحقيقةِ في أنَّه يَكُونُ عامًّا، واسْتُدِلَّ على أنَّ العامَّ قد يَكُونُ مجازًا بقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَبَاحَ فِيهِ الكَلَامَ» (٣) فإنَّ الاستثناءَ معيارُ العُمومِ، فدَلَّ على تعميمِ كَونِ الطَّوافِ صلاةً، وكونُ الطَّوافِ صلاةً مجازٌ.


(١) في (ع): متعرضة.
(٢) «شرح مختصر الرَّوضة» (٢/ ٤٤٨).
(٣) رواه الترمذي (٩٦٠)، وابن خزيمة (٢٧٣٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>