للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(إِذَا وَرَدَ) مِنَ الشَّارِعِ لفظٌ (عَامٌّ، وَ) لفظٌ (خَاصٌّ) فتارةً يَكونانِ مُقتَرنَينِ، وتارةً لا يَكونانِ مُقتَرنينِ، فإنْ كانَا مُقتَرنينِ، مثلَ لو قال في كلامٍ مُتواصلٍ: زَكُّوا البقرَ ولا تُزَكُّوا العَواملَ، (قُدِّمَ الخَاصُّ) عندَ الأكثرِ، أَعني: عدمَ زكاةِ العَواملِ، وإنْ لم يَقتَرنا قُدِّمَ الخاصُّ (مُطْلَقًا) أي: سواءٌ كانَ الخاصُّ مُتَقَدِّمًا أو مُتَأَخِّرًا على الصَّحيحِ؛ لأنَّ في تقديمِ الخاصِّ عملًا بكليهما بخلافِ العكسِ، فكانَ أَوْلى، ووَجهُه قولُه تَعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (١) خَصَّ قولَه تَعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} (٢)، وأيضًا الخاصُّ قاطعٌ أو أشدُّ تصريحًا، وأقلُّ احتمالًا؛ ولأنَّه لا فرقَ لغةً بينَ تقديمِ الخاصِّ وتأخيرِه.

(وَإِنْ كانَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أي: مِن اللَّفظينِ الواردينِ (عَامًّا مِنْ وَجْهٍ (٣)، خَاصًّا مِنْ وَجْهٍ) آخَرَ (تَعَارَضَا) لعدمِ أولويَّةِ أحدِهما بالعملِ به دونَ الآخرِ،

مثالُه: قولُه -عليه السلام-: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» (٤)، معَ قولِه -عليه السلام-: «نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» (٥)، فالأوَّلُ: عامٌّ في الرِّجالِ والنِّساءِ، خاصٌّ في المُرتدِّين، والثَّاني: خاصٌّ في النِّساءِ، عامٌّ في الحَربيَّاتِ والمُرتدَّاتِ، إذا عُلِمَ ذلك فالصَّحيحُ أنَّهما يَتعادلانِ.

(وَطُلِبَ المُرَجِّحُ) مِن خارجٍ، وقد تَرَجَّحَ الأوَّلُ بقيامِ القَرينةِ على اختصاصِ الثَّاني بسببِه، وهو الحَربيَّاتُ.


(١) المائدة: ٥.
(٢) البقرة: ٢٢١.
(٣) ليست في «د».
(٤) رواه البخاري (٣٠١٧) من حديث عليٍّ -رضي الله عنه-.
(٥) رواه البخاري (٣٠١٥)، ومسلم (١٧٤٤) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>