للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا يُوصَفُ فِعْلُ غَيْرِ مُكَلَّفٍ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ (١) قالَه في «المقنعُ» وغيرِه، وقَطَعُوا به؛ لأنَّ فِعلَ غيرِ المُكَلَّفِ لا يَتَعَلَّقُ به حُكمٌ؛ لأنَّ الأحكامَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بأفعالِ المُكَلَّفِينَ، فلا يَدخُلُ تحتَ أحدِ قِسْمَيه وهو الحَسَنُ، وأيضًا فِعْلُه لم يُؤذَنْ فيه شرعًا، فلا يَندَرِجُ تحتَ المأذونِ.

(وَشُكْرُ المُنْعِمِ) مُبتدأٌ ومضافٌ إليه، خبرُه قولُه: «واجبانِ»، والمُنعِمُ: هو اللهُ -سبحانه وتعالى-، عبارةٌ عنِ استعمالِ جميعِ ما أَنعَمَ اللهُ به على العبدِ مِن القُوى، والأعضاءِ الظَّاهرةِ والباطنةِ، المُدرِكةِ، والمُحرِّكةِ، فيما خَلَقَه اللهُ تَعالى لأجلِه، كاستعمالِ النَّظرِ في مشاهدةِ مَصنوعاتِه، وآثارِ رحمتِه، ليُستَدَلَّ على صانِعِها، وكذا السَّمعُ وغيرُه.

(وَمَعْرِفَتُهُ) سبحانَه و (تَعَالَى، وَهِيَ أَوَّلُ وَاجِبٍ لِنَفْسِهِ) -جل وعلا- بالنَّظَرِ في الوجودِ والموجودِ على كلِّ مُكلَّفٍ قادرٍ، والمُرادُ معرفةُ وجودِ ذاتِه بصفاتِ الكمالِ فيما لم يَزَلْ ولا يَزالُ، دونَ معرفةِ حقيقةِ ذاتِه وصفاتِه، لاستحالةِ ذلك عقلًا عندَ الأكثرينَ.

إذا عَلِمْتَ ذلك فشُكْرُ المُنعِمِ ومَعرفتُه (وَاجِبَانِ شَرْعًا) لا عقلًا؛ لأنَّ العقلَ لا يُوجِبُ وَلَا يُحَرِّمُ كما تَقَدَّمَ.

تنبيهٌ: قولُه: «وهي أوَّلُ واجبٍ لنَفْسِه»:

قالَ القاضي، وابنُ حَمْدَانَ، وابنُ مُفْلِحٍ (٢)، وجمعٌ: يَجِبُ قَبْلَها النَّظرُ، يَعني في الدَّليلِ، فهو أوَّلُ واجبٍ لغيرِه. انتهى.


(١) في (د، ع): قبيح. والمثبت من «مختصر التحرير» (ص ٦٣).
(٢) «أصول الفقه» (١/ ١٦٨).

<<  <   >  >>