للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا يَقَعُ النَّظَرُ ولا المعرفةُ ضرورةً على الصَّحيحِ.

(وَفِي قَوْلٍ) للرَّازيِّ (١): (لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا) أي: بينَ الشُّكْرِ ومعرفةِ اللهِ تَعالى (عَقْلًا) فمَن أَوْجَبَ الشُّكْرَ عَقلًا أَوْجَبَ المعرفةَ، ومَن لا فلا.

قالَ الأُرْمَوِيُّ: هما مُتلازمانِ.

والقولُ الثَّاني: أنَّ الشُّكرَ فرعُ المعرفةِ.

(وَفِعْلُهُ) سبحانَه و (تَعَالَى وَأَمْرُهُ لَا لِعِلَّةٍ، وَ) لا (حِكْمَةٍ فِي قَوْلٍ) اختارَه كثيرٌ من أصحابِنا.

(وَعَلَيْهِ) أي: على القولِ بإنكارِ فِعلِه تَعالى وأمْرِه لعِلَّةٍ وحكمةٍ (مُجَرَّدُ مَشِيئَتِهِ) تَقَدَّسَ (مُرَجِّحٌ) لإيجادِه فِعلَ ما شاءَه، فإذا شاءَ سُبحانَه شيئًا مِن الأشياءِ تَرَجَّحَ بمُجَرَّدِ تلك الإشاءةِ. ويقولُ القائلُ بهذا عِلَلُ الشَرعِ أماراتٌ (٢) محضةٌ، واحتجَّ بأنَّ العِلةَّ إنْ كانَتْ قديمةً لَزِمَ مِن قِدَمِها قِدَمُ الفِعلِ، وهو مُحالٌ، وإنْ كانَتْ مُحدَثَةً افْتَقَرَتْ إلى عِلَّةٍ أُخرى، ولَزِمَ التَّسلسُلُ، وهو مرادُ المشايخِ بقَولِهم: كلُّ شيءٍ صَنَعَه، ولا عِلَّةَ لصُنْعِه.

وأُجيبَ: بأنَّ قَولَه: «لو كانَتْ قديمةً لَزِمَ قِدَمُ الفعلِ»، غيرُ مُسَلَّمٍ؛ لأنَّه لا (٣) يَلْزَمُ مِن قِدَمِها قِدَمُ المعلولِ، كـ: الإرادةُ قديمةٌ ومُتَعَلَّقُها حادثٌ، ولو كانَتْ حادثةً لم تَفتَقِرْ إلى عِلَّةٍ أُخرى، وإنَّما يَلْزَمُ لو قَالَ: كلُّ حادثٍ مُفْتَقِرٌ إلى عِلَّةٍ، وهم لم يَقولوا ذلك، بل قالوا: يَفعَلُ لحكمةٍ، فإنَّه لا يَلْزَمُ مِن كَوْنِ الأوَّلِ مُرادًا لغيرِه كَوْنُ الثَّاني كذلك، وإذا كانَ الثَّاني مَحبوبًا لم يَجِبْ كَوْنُ


(١) «المحصول» (١/ ٢٠١).
(٢) في (ع): أمارة.
(٣) ليست في (ع).

<<  <   >  >>