للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة التحقيق]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ للهِ الَّذي أيَّدَ مذهبَ الإمامِ أحمدَ، بمَن أَتَى فيه بما عليه مِن مُؤَلَّفٍ يُحمَدُ، مِن فروعٍ فيه لها الأصولُ تَشهَدُ، بلفظٍ مُوجَزٍ مُنَقَّحٍ مُهَذَّبٍ، بَلَغَ فيه مِن الكفايةِ والمَطلبِ، ووَشَّحَ مسائلَه براجحِ المَذهبِ، معَ احتوائِه على ما يَحتاجُ إليه الأمرُ ويَطلُبُ.

وأَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةً تَرفَعُ قائلَها أعلى الدَّرجاتِ، وتُبَلِّغُه أقصى الغاياتِ مِن جميعِ الخيراتِ، وأُصلِّي وأُسلِّم على سيِّدنا مُحمَّدٍ خيرِ البَريَّات.

وبعدُ؛ فإنَّ عِلمَ أصولِ الفقهِ علمٌ عظيمٌ مِن أعظمِ علومِ الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ وأجلِّها قَدْرًا وأكثرِها فائدةً، فهو عِلْمٌ يُتَعَرَّفُ منه تقريرُ مطالبِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ العلميَّةِ، وطُرُقُ استنباطِها، وموادُّ حُجَجِها، واستخراجُها بالنَّظَرِ، كما قالَ المُناويُّ -رحمه الله-.

قالَ الإمامُ الغَزَّاليُّ في «المُستصفى» (ص ٤): وأشرفُ العُلومِ ما ازدُوجَ فيه العقلُ والسَّمْعُ، واصْطُحِبَ فيه الرَّأيُ والشَّرعُ، وعِلْمُ الفقهِ وأصولُه مِن هذا القَبيلِ؛ فإنَّه يَأخُذُ مِن صَفْوِ الشَّرعِ والعقلِ سواءَ السَّبيلِ، فلا هو تَصَرُّفٌ بمَحْضِ العقولِ بحيثُ لا يَتَلَقَّاه الشَّرعُ بالقبولِ، ولا هو مبنيٌّ على مَحضِ التَّقليدِ الَّذي لا يَشْهَدُ له العقلُ بالتَّأييدِ والتَّسديدِ. اهـ

هذا، وقد كانَ ظَهَرَ في زمانِنا هذا بعضُ مَن لا يَرَوْنَ حاجةً إلى تَعَلُّمِ أصولِ الفقهِ، ويُنْكِرُونه، ويَنْتَقِدونَ على مَن يُعَلِّمُه ويَتَعَلَّمُه، مُتَمَسِّكِينَ بالأخذِ بالكتابِ والسُّنَّةِ مُباشرةً.

 >  >>