للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشَّرعيَّةُ الكاملةُ: هي المجموعُ المُرَكَّبُ مِن مُقتَضى الحُكمِ، وشرطِه، وانتفاءِ المانعِ، ووجودِ الأهلِ، والمَحَلِّ، سُمِّيَ ذلك سببًا (١) استعارةً؛ لأنَّه لم يَتَخَلَّفْ عنه في حالٍ مِن الأحوالِ، وسُمِّيَتْ هي سببًا؛ لأنَّ عِلِّيَّتَها ليسَتْ لذاتِها، بل بنصبِ الشَّارعِ لها أمارةً على الحُكْمِ به، بدليلِ وُجُودِها دونَه، كالإسكارِ قَبْلَ التَّحريمِ، ولو كانَ الإسكارُ عِلَّةً للتَّحريمِ لذاتِه لم يَتَخَلَّفْ عنه في حالٍ، كالكسرِ للانكسارِ في العَقليَّةِ، والحالُ أنَّ التَّحريمَ ووُجوبَ الحدِّ مَوجودانِ بدونِ ما لا يُسْكِرُ، فأَشْبَهَتْ لذلك السَّبَبَ، وهو ما يَحْصُلُ الحُكمُ عندَه لا به، فهو مُعرِّفٌ للحُكْمِ لا مُوجِبٌ له، وإلَّا لوَجَبَ قبْلَ الشَّرعِ.

(وَهُوَ) أي: السَّبَبُ قِسمانِ:

(١) (وَقْتِيٌّ): وهو ما لا يَسْتَلْزِمُ في تعريفِه للحُكْمِ حِكمةً باعِثَةً، (كَزَوَالِ) الشَّمْسِ (لـ) معرفةِ وقتِ وجوبِ (ظُهْرٍ)، وَلَا يَكُونُ مُستلْزِمًا لحِكمةٍ باعثةٍ.

(وَ) الثَّاني: (مَعْنَوِيٌّ): وهو ما (يَسْتَلْزِمُ حِكْمَةً بَاعِثَةً) في تعريفِه للحُكْمِ الشَّرعيِّ، (كَإِسْكَارٍ) فإنَّه أمرٌ معنويٌّ جُعِلَ عِلَّةً (لِتَحْرِيمِ) كُلِّ مُسْكِرٍ، وكالعُقوباتِ، فإنَّها جُعِلَتْ لوُجُوبِ القصاصِ أو الدِّيَةِ.

(وَالشَّرْطُ لُغَةً: العَلَامَةُ) لأنَّها علامةٌ على المَشْرُوطِ، ومنه قولُه تَعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} (٢) أي: عَلاماتُها، قال في «المُطْلِعُ»: الشَّرْطُ بسُكُونِ الرَّاءِ: يُجمَعُ على شُرُوطٍ وعلى شَرَائِطَ، والأشراطُ: واحدُها شَرَطٌ بِفتحِ الرَّاءِ والشِّينِ (٣). انتهى.


(١) ليست في (ع).
(٢) محمَّد: ١٨.
(٣) «المطلع على ألفاظ المقنع» (ص ٧٣).

<<  <   >  >>