للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَن بعدهم، وما أَحسَنَ ما قال بعضُهم: انحصارُ الأسانيدِ في طائفةٍ لا يَمنَعُ انحصارَ القُرآنِ (١) عن غيرِهم، فقد كانَ يَتَلَقَّاه مِن كلِّ أهلِ بلدٍ بقراءةِ إمامِهم الجمُّ الغفيرُ عن مِثلِهم، وكذلك دائمًا، فالتَّواتُر حاصلٌ لهم، ولكنَّ الأئمَّةَ الَّذين قَصَدوا ضبطَ الحروفِ، وحَفِظوا شيوخَهم فيها، جاءَ السَّنَدُ مِن جِهَتِهم (٢).

تنبيهٌ: إطلاقُ الجمهورِ مِن تواترِ القراءاتِ السَّبعِ لَيْسَ على إطلاقِه، بل يُستثنى منه ما قالَه ابنُ الحاجبِ (٣) وغيرُه: وهو ما كانَ مِن قَبِيلِ صفةِ الأداءِ كالمدِّ، والإمالةِ، وتخفيفِ الهمزةِ، ونحوِه، ومرادُه بالتَّمثيلِ بالإمالةِ والمدِّ: مقاديرُ المدِّ، وكيفيَّةُ الإمالةِ، لا أصلُ المدِّ والإمالةِ، فإنَّ ذلك متواترٌ قطعًا، فالمقاديرُ كمدِّ حمزةَ ووَرَشٍ، فإنَّه قَدْرُ سِتِّ أَلِفَاتٍ، وقيلِ: خمسٌ، وقيلَ: أربعٌ، ورَجَّحُوه، ومدُّ عاصمٍ قَدْرُ ثلاثِ أَلِفَاتٍ، والكسائيِّ قدرُ أَلِفَيْنِ ونصفٌ، وقالونَ: قدرُ أَلِفَين، والسُّوسِيِّ قَدْرُ ألِفٍ ونصفٍ، ونحوِ ذلك.

وكذلك الإمالةُ تَنقَسِمُ إلى:

- محضةٍ، وهي: أنْ يُنْحَى بالألفِ إلى الياءِ، وبالفتحةِ إلى الكسرةِ،

- وإلى بينَ بينَ، وهي كذلك، إلَّا أنَّها تَكُونُ إلى الألفِ والفتحةِ أقربَ، وهي المختارةُ عندَ الأئمَّةِ.

أمَّا أصلُ الإمالةِ فمتواترٌ قطعًا، وكذلك التَّخفيفُ في الهمزِ، والتَّسهيلُ منه: منهم مَن يُسَهِّلُ، ومنهم مَن يُبْدِلُه، ونحوُ ذلك.


(١) قوله: انحصار القرآن. في «التَّحبير شَرح التَّحريرِ»: مجيء القراءات.
(٢) «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١٣٦١).
(٣) «شرح العضد على مختصر ابن الحاجب» (٢/ ٢١).

<<  <   >  >>