للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعكسُه كثرةُ أهلِ الباطلِ، نَحوُ: {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (١)، {لَا يَعْلَمُونَ} (٢)، {لَا يَشْكُرُونَ} (٣)، {لَا يُؤْمِنُونَ} (٤)، وإذًا: مِن الجائزِ إصابةُ الأقلِّ وخطأُ الأكثرِ، كما كَشَفَ الوحيُ عن إصابةِ عمرَ في (٥) أَسرى بدرٍ (٦).

فائدةٌ: فُهم مِمَّا تَقَدَّمَ وممَّا يَأتي: أنَّ الإجماعَ لا يَختَصُّ بالصَّحابةِ، وهذا عندَ جماهيرِ العلماءِ؛ للأدلَّةِ الواردةِ في قَبولِ الإجماعِ مِن غيرِ تفريقٍ بينَ عصرٍ وعصرٍ، فشَمِلَتْهم الأدِلَّةُ، ولأنَّ معقولَ السَّمعيِّ إثباتُ الحُجَّةِ الإجماعيَّةِ مُدَّةَ التَّكْلِيفِ وليسَ مُختصًّا بعصرِ الصَّحابةِ.

(وَتُعْتبَرُ) لارتفاعِ الإجماعِ: (مُخَالَفَةُ مَنْ) أي: مجتهدٍ (صَارَ أَهْلًا) للاجتهادِ، (قَبْلَ انْقِرَاضِ العَصْرِ) يَعني: إذا اجتمعَ أهلُ العصرِ على حُكْمٍ، فنَشَأَ مجتهدٌ قبْلَ انقراضِهم، فخالَفَهُمْ: ارتفعَ الإجماعُ على الأصحِّ، (وَلَوْ) كانَ المُخالِفُ لهم (تَابِعِيًّا مَعَ) إجماعِ (الصَّحَابَةِ) لِما يَأتي مِن أنَّ انقراضَ العصرِ مُعتبَرٌ لانعقادِ الإجماعِ، فلا إجماعَ للصَّحابةِ مع مخالفةِ تابعيٍّ مجتهدٍ عندَ أحمدَ والأكثرِ؛ لأنَّه مجتهدٌ مِن الأُمَّةِ، فلا يَنهَضُ الدَّليلُ بدونِه، ولأنَّ الصَّحابةَ سَوَّغُوا اجتهادَهم وفتواهم مَعَهم في الوقائعِ الحادثةِ في زمانِهم، وإذا اعتُبِرَ قولُهم في الاجتهادِ فلْيُعتبَرْ في الإجماعِ؛ إذ لا يَجُوزُ مع تسويغِ الاجتهادِ تركُ الاعتدادِ بقولِهم وِفاقًا، واختصاصُ الصَّحابةِ


(١) العنكبوت: ٦٣، الحجرات: ٤.
(٢) البقرة: ١٣، وآيات كثيرة.
(٣) البقرة: ٢٤٣، وآيات أخرى.
(٤) البقرة: ٦، وآيات كثيرة.
(٥) زاد في (د)، (ع): إصابةِ.
(٦) رواه مسلم (١٧٦٣).

<<  <   >  >>