للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَصْلٌ

التَّدليسُ له مَعنيانِ: مَعنًى في اللُّغةِ، ومعنًى في الاصطلاحِ.

فمَعناه في اللُّغةِ: كِتمانُ العَيبِ في مَبيعٍ أو غيرِه، ويُقالُ: دَالَسَه: خَادَعَه، كأنَّه مِن الدَّلَسِ، وهو الظُّلْمَةُ؛ لأنَّه إذا غَطَّى عليه الأمْرَ أَظْلَمَه عليه.

وأمَّا في الاصطلاحِ فهو قِسمانِ: قِسْمٌ مُضِرٌّ يَمنَعُ القبولَ، وقِسْمٌ غيرُ مُضِرٍّ.

(وَ) الأوَّلُ: هو (تَدْلِيسُ المَتْنِ) ويُسَمَّى المُدْرَجَ، اسمُ فاعلٍ، فالرَّاوي للحديثِ إذا أَدْخَلَ فيه شيئًا مِن كلامِه أوَّلًا أو آخِرًا على وجهٍ يُوهِمُ أنَّه مِن جُملَةِ الحديثِ الَّذِي رَوَاه، وفَعَلَه (عَمْدًا: مُحَرَّمٌ، وَجَرْحٌ) لِمُتَعَمِّدِه؛ لِما فيه مِن الغشِّ، أمَّا لو اتَّفَقَ ذلك مِن غيرِ قصدٍ مِن صحابيٍّ أو غيرِه، فلا يَكُونُ ذلك مُحَرَّمًا، ومِن ذلك كثيرٌ أَفْرَدَه الخطيبُ البغداديُّ بالتَّصنيفِ (١).

ومِن أمثلتِه حديثُ ابنِ مَسعودٍ في التَّشَهُّدِ، قال في آخِرِه: وإذا قُلْتُ هذا، فإنْ شِئْتَ أن تَقُومَ فقُمْ، وإنْ شِئْتَ أنْ تَقْعُدَ فاقْعُدْ. وهو مِن كلامِه لا مِن الحديثِ المرفوعِ (٢).

وهذا مِن المُدْرَجِ أخيرًا.

ومثالُ المُدرَجِ وَسَطًا: ما رَوَاه الدَّارَقُطْنِيُّ (٣): عن بُسْرَةَ بنتِ صَفْوَانَ -رضي الله عنها- قالَتْ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، أَوْ أُنْثَيَيْهِ، أَوْ رُفْغَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» (٤).


(١) وهو كتاب: «الفصل للوصل المدرج في النقل». مطبوع.
(٢) ينظر: «الفصل للوصل المدرج في النقل» (١/ ٢٤).
(٣) «سنن الدارقطني» (٥٣٦).
(٤) ينظر: «الفصل للوصل المدرج في النقل» (١/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>