للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ: فذِكْرُ الأُنْثَيَيْنِ والرُّفْغِ مُدْرَجٌ، إِنَّمَا هو مِن قولِ عُرْوَةَ الرَّاوي عن بُسْرَةَ.

ومِثالُ المُدرَجِ الأوَّلِ: ما رَوَاه الخَطيبُ (١) بسندِه، عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» فإنَّ «أَسْبِغُوا الوُضُوءِ» من كلامِ أبي هُرَيْرَةَ، ومَرجِعُ ذلك إلى المُحَدِّثينَ.

ويُعرَفُ ذلك: بأنْ يَرِدَ مِن طريقٍ أُخرى التَّصريحُ بأنَّ ذلك مِن كلامِ الرَّاوي، وهو طريقٌ ظَنِّيٌّ قد يَقْوَى، وقد يَضعُفُ، وعلى كلِّ حالٍ حَيْثُ فَعَلَ ذلك المُحَدِّثُ عَمْدًا، بأنْ قَصَدَ إدراجَ كلامٍ في حديثِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن غيرِ تَبْيِينٍ، بل دَلَّسَ ذلك: كانَ فِعلُه حرامًا، وهو مجروحٌ عندَ العلماءِ غيرُ مقبولِ الحديثِ.

(وَ) القِسْمُ الثَّاني: (غَيْرُهُ) أي: غيرُ تدليسِ المتنِ المُضِرِّ، وله صورٌ:

إحداها: أنْ يُسَمِّيَ شيخَه في روايتِه باسمٍ له غيرِ مشهورٍ؛ مِن: كُنيةٍ، أو لقبٍ، أو اسمٍ، أو نحوِه، كقولِ أبي بكرِ بنِ مجاهدٍ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوْفَى، يُريدُ به عبدَ اللهِ بنَ أبي داودَ السِّجِسْتَانِيَّ، ويُسَمَّى هذا تدليسَ الشُّيوخِ.

وأمَّا تدليسُ الإسنادِ: وهو أنْ يَروِيَ عمَّن لَقِيَه، أو عاصَرَه، ما لم يَسْمَعْه منه، مُوهِمًا سماعَه منه، قائلًا: قال فلانٌ، أو: عن فلانٍ، ونحوَه، وربَّما لم يُسقِطْ شيخَه وأَسْقَطَ غيرَه.

ومَثَّلَه بعضُهم بما في التِّرمذيِّ: عن ابنِ شهابٍ، عن أبي سَلَمَةَ، عن عائشةَ -رضي الله عنها- مرفوعًا: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» (٢)، ثمَّ قال:


(١) «الفصل للوصل المدرج في النقل» (ص ١٥٨).
(٢) رواه أبو داود (٣٢٩٠)، والتِّرمذيُّ (١٥٢٥) وضَعَّفَه، والنَّسائيُّ (٣٨٣٤)، وابن ماجه (٢١٢٥) مِن حديثِ أمِّ المُؤمنينَ عائشةَ -رضي الله عنها-.
قالَ النَّوويُّ في «روضة الطَّالبين» (٣/ ٣٠٠): ضعيفٌ باتِّفاقِ المُحَدِّثينَ.

<<  <   >  >>