للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا حديثٌ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الزُّهريَّ لم يَسمَعْه مِن أبي سَلَمَةَ، ثمَّ ذَكَرَ أنَّ بينَهما سليمانَ بنَ أَرقَمَ، عن يحيى بنِ كثيرٍ، وأنَّ هذا وجهُ الحديثِ.

الصُّورةُ الثَّانيةُ: أنْ يُسَمِّيَ شيخَه باسمِ شيخٍ آخَرَ لا يُمكِنُ أنْ يَكُونَ رَوَاه عنه، كما يَقُولُ تلامذةُ (١) الحافظِ أبي عبدِ اللهِ الذَّهبيِّ: «حدثنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ» تَشبيهًا بقولِ البيهقيِّ فيما يَرويه عن شيخِه أبي عبدِ اللهِ الحاكمِ: «حدثنا أبو عبدِ اللهِ الحافظُ»، وهذا لا يَقدَحُ؛ لظهورِ المقصودِ.

الثَّالثةُ: أن يَأتِيَ في التَّحديثِ بلفظٍ يُوهِمُ أمرًا لا قَدحَ (٢) في إيهامِه، كقولِه: «حَدَّثَنَا وراءَ النهر»، مُوهِمًا نهرَ جَيْحُونَ، وهو نهرُ عيسى ببغدادَ، والحِيرةِ ونحوِها بمِصرَ، فلا قَدحَ في ذلك؛ لأنَّه مِن بابِ الإغرابِ، وإنْ كانَ فيه إيهامُ الرِّحلةِ، إلَّا أنَّه صِدقٌ في نَفْسِه.

إذا عُلِمَ ذلك فالمُرادُ بذلك الأوَّلِ، وأكثرُ العلماءِ على أنَّ ذلك كلَّه (مَكْرُوهٌ).

وقولُه: (مُطْلَقًا (٣) ظاهرُه: سواءٌ تَعَمَّدَ التَّدليسَ، أو لا.

وقالَ في «الأصلِ وشرحِه»: ومَن فَعَلَه مُتَأَوِّلًا قُبِلَ عندَ الأكثرِ، ولم يُفَسَّقْ؛ لأنَّه صَدَرَ مِن الأعيانِ المُقتَدَى بهم، وقلَّ مَن سَلِمَ منه، قِيلَ للإمامِ أحمدَ: شُعبَةُ يَقولُ: التَّدليسُ كَذِبٌ، قال: لا، قد دَلَّسَ قومٌ، ونَحنُ نَروي عنهم (٤).


(١) في (د): تلاميذ.
(٢) في (ع): يقدح.
(٣) زاد في «مختصر التحرير» (ص ١٢٢): ومن فعله متأولًا قُبل.
(٤) «شرح الكوكب المنير» (٢/ ٤٥١).

<<  <   >  >>