للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتكافٌ بنذرِ صومٍ والفرعُ بغيرِ نذرِه، والحكمُ اشتِراطُه، والعِلَّةُ الاعتكافُ، أو أنَّ القصدَ قياسُ الصَّومِ بنذرٍ على الصَّلَاةِ بنذرٍ، فيُقالُ بتقديرِ عدمِ وجوبِ الصَّومِ في الاعتكافِ لا يَجِبُ فيه بنذرٍ كصلاةٍ، والعِلَّةُ: أنَّهما عبادتانِ، فعلى هذا يَصِحُّ الاستدلالُ به، ويَدُلُّ عليه أنَّه واقعٌ في القُرآنِ والسُّنَّةِ:

فأمَّا القرآنُ فنحوُ قولِه تَعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (١)، ولا اختلافَ فيه، فدَلَّ على أنَّ القُرآنَ مِن عندِ اللهِ بمُقتضى قياسِ العكسِ،

وأمَّا السُّنَّةُ فكحديثِ: يَأْتي أحدُنا شَهوَتَه ويُؤجَرُ؟ قال: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ؟» يعني: أكانَ يُعاقَبُ؟ قالُوا: نعمْ، قال: «فَمَهْ؟» (٢).

فقاسَ «وَضعَها في حلالٍ، فيُؤجَرُ» على «وَضعِها في حرامٍ، فيُؤزَرُ» بنقيضِ العِلَّةِ، فظَهَرَ بذلك أنَّ قياسَ العكسِ حُجَّةٌ، لكنَّه يُسَمَّى قياسًا مجازًا على الأرجحِ.

(وَأَرْكَانُهُ) أي: أركانُ القِيَاسِ أربعةٌ وهي:

(أَصْلٌ، وَفَرْعٌ، وَعِلَّةٌ) جامعةٌ (وَحُكْمٌ) وأركانُ الشَّيءِ: هو ما يَتَأَلَّفُ ذلك الشَّيءُ منه، فإطلاقُ الأركانِ على هذه الأمورِ مجازٌ، إلَّا أنْ يَعنيَ بالقِيَاس مجموعَ هذه الأمورِ معَ الحملِ تغليبًا، فيَصِيرُ كلٌّ مِن الأربعةِ شطرًا لا شَرطًا.


(١) النساء: ٨٢.
(٢) رواه مسلم (١٠٠٦) من حديث أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- وفيه: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ».

<<  <   >  >>