للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابٌ)

لمَّا كانَ مَعنى المُطلَقِ والمُقيَّدِ قريبًا مِن مَعنى العامِّ والخاصِّ ذُكِرَ عَقِبَهما، بل جَعَلَه البَيْضَاوِيُّ (١) تَذنيبًا داخلًا في بابِ الخاصِّ والعامِّ أي: ذَنابةً وتَتِمَّةً له.

و (المُطْلَقُ) مأخوذٌ مِن مادَّةٍ تَدُورُ على مَعنى الانفكاكِ مِنَ القَيدِ، فلذلك (٢) اختارَ هذا الحدَّ على غيرِه، فقالَ: هو (مَا تَنَاوَلَ وَاحِدًا) خَرَجَ: ألفاظُ الأعدادِ المُتناولةُ لأكثرَ مِن واحدٍ، وقولُه: (غَيْرَ مُعَيَّنٍ) خَرَجَ: المعارفُ؛ كزيدٍ ونحوِه، وقولُه: (بِاعْتِبَارِ حَقِيقَةٍ شَامِلَةٍ لِجِنْسِهِ) خَرَجَ: المُشتَركُ والواجبُ المُخيَّرُ، فإنَّ كلًّا مِنهما يَتناوَلُ واحدًا لا بعَينِه لا باعتبارِ حقائقَ مختلفةٍ، وذلك مثلُ قولهِ تَعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٣) فلفظُ الرَّقبةِ قد يَتناوَلُ واحدًا غيرَ مُعَيَّنٍ مِن جنسِ الرِّقابِ.

(وَالمُقَيَّدُ: مَا تَنَاوَلَ مُعَيَّنًا) كزيدٍ (أَوْ) تَناوَلَ (مَوْصُوفًا بِـ) ـوصفٍ (زَائِدٍ عَلَى حَقِيقَةِ جِنْسِهِ) نحوُ: {شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (٤)، وتَتَفاوَتُ مراتبُه في تقييدِه باعتبارِ قِلَّةِ القيودِ وكَثرَتِها، فما كَثُرَتْ فيه قيودُه كقولِه تَعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ} (٥) الآيةَ، أعلى رتبةً ممَّا قيودُه أقلُّ.


(١) «منهاج الوصول» (ص ١١٨).
(٢) في «د»: فلذا.
(٣) النساء: ٩٢، والمجادلة: ٣.
(٤) النساء: ٩٢، والمجادلة: ٤.
(٥) التحريم: ٥.

<<  <   >  >>