للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَالنَّصُّ عَلَى عِلَّةِ حُكْمِ الأَصْلِ يَكْفِي فِي التَّعَدِّي) إلى الفرعِ عندَ الأكثرِ، أشارَ الإمامُ أحمدُ إليه: لا يَجُوزُ بيعُ رطبٍ بيابسٍ، واحتجَّ بنهيِه -عليه السلام- عن بيعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ.

(وَالحُكْمُ المُتَعَدِّي إِلَى فَرْعٍ بِعِلَّةٍ مَنْصُوصَةٍ: مُرَادٌ بالنَّصِّ، كَعِلَّةِ مُجْتَهِدٍ فِيهَا: فَرْعُهَا مُرَادٌ بِالِاجْتِهَادِ)؛ لأنَّ الأصلَ مُستتبِعٌ لفرعِه.

(وَيَجُوزُ ثُبُوتُ كُلِّ الأَحْكَامِ بِنَصٍّ مِنَ (١) الشَّارِعِ) عندَ الجمهورِ؛ لأنَّ الحوادثَ مُتناهيةٌ لتناهي التَّكليفِ بالعلَّةِ (٢).

قال ابنُ قاضي الجبلِ: لأنَّ الحوادثَ المفتقرةَ إلى الأحكامِ هي الواقعةُ في دارِ التَّكليفِ، والأفعالُ فيها متناهيةٌ ضرورةَ تَناهيها، أمَّا الجنَّةُ فدارُ جزاءٍ لا دارُ تكليفٍ (٣).

و (لَا) يَجُوزُ ثُبُوتُ كلِّ الأحكامِ (بِالقِيَاسِ) عندَ الأكثرِ؛ لأنَّ فيها ما تَختَلِفُ أحكامُه فلا يَجري فيه، ولأنَّ فيها ما لا يُعقَلُ مَعناه كضربِ الدِّيَةِ على العاقلةِ. والقِيَاسُ لا بُدَّ له من أصلٍ، فإجراؤُه في مِثلِ هذا مُتَعَذِّرٌ؛ لِما عُلِمَ أنَّه فرعُ تَعَقُّلِ المَعنى المُعلَّلِ به الحُكمُ في الأصلِ.

(وَمَعْرِفَتُهُ) أي: القِيَاسِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) عندَ تعدُّدِ المجتهدِ على الصَّوابِ، (وَيَكُونُ) القِيَاسُ (فَرْضَ عَيْنٍ) بأنِ احتاجَ المُجتهدُ إلى القِيَاسِ، وكان واحدًا فقطْ معَ ضِيقِ الوقتِ، فيَصيرُ فرضَ عينٍ (عَلَى بَعْضِ المُجْتَهِدِينَ،

وَهُوَ) أي: القِيَاسُ (مِنَ الدِّينِ) عندَ الجمهورِ.


(١) ليس في «د».
(٢) في «د»: بالعلية.
(٣) «التحبير شرح التحرير» (٧/ ٣٥٣٩).

<<  <   >  >>