(وَ) يُرَجَّحُ (بِتَشْدِيدِهِ) أي: تشديدِ أحدِ (١) الحديثينِ؛ لأنَّ التَّشديداتِ مُتأخِّرَةٌ؛ لأنَّها إِنَّمَا جاءَتْ حينَ ظُهورِ الإسلامِ وكَثرتِه، وعَلَتْ شَوْكَتُه. والتَّخفيفُ كانَ في أوَّلِ الإسلامِ، وخبرُ عائشةَ يَدُلُّ على ذلك، وكذا حُكْمُ ما يُشعِرُ بشوكةِ الإسلامِ.
ولمَّا فَرَغَ مِن القِسمِ الأوَّلِ مِن مُرَجِّحَاتِ المنقولينِ بأنواعِه، شَرَعَ في القسمِ الثَّاني وهو: ترجيحُ المعقولينَ بأنواعِه وهو الغرضُ الأعظمُ مِن بابِ التَّراجيحِ، وفيه اتِّساعُ مجالِ الاجتهادِ، فقالَ:
(المَعْقُولَانِ) أي: الدَّليلانِ المتعارضانِ المعقولانِ: (قِيَاسَانِ، أَوِ اسْتِدْلَالَانِ،
فَالأَوَّلُ) منهما وهو القِيَاسانِ (يَعُودُ) التَّرجيحُ فيه (إِلَى أَصْلِهِ) أي: الأصلِ المقيسِ عليه (وَفَرْعِهِ) أي: الفرعِ المقيسِ (وَمَدْلُولِ) لفظـ (ـهِ، وَ) لِما يَنضَمُّ إليه مِن (أَمْرٍ خَارِجٍ).
فهذا القسمُ أربعةُ أنواعٍ أيضًا:
فَالنَّوعُ الأوَّلُ: (الأَصْلُ) وتحتَه صورٌ:
أحدُها: أنْ يَكُونَ حُكمُ الأصلِ قطعيًّا فَيُرَجَّحُ (بِقَطْعِ حُكْمِهِ) على ما دليلُ أصلِه ظَنِّيٌّ، كقَوْلِنا في لِعانِ الأخرسِ: إنَّ ما صَحَّ مِن النَّاطقِ صَحَّ مِن الأخرسِ كاليمينِ، فإِنَّه أَرجَحُ مِن قياسِهم على شهادتِه تعليلًا، بأنَّه يَفتقِرُ إلى لفظِ الشَّهادةِ؛ لأنَّ اليمينَ تَصِحُّ مِن الأخرسِ بالإجماعِ، والإجماعُ قَطعيٌّ بخِلافِ شهادتِه، ففي جوازِها خلافٌ.
(١) في «ع»: إحدى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute