للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبولِ، كما في حديثِ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ» (١) ونحوِ ذلك.

فعلى الثَّاني يَكُونُ القَبولُ هو الَّذِي يَحصُلُ به الثَّوابُ، والصِّحَّةُ قد تُوجَدُ في الفعلِ ولا ثوابَ فيه، فأثرُ القَبولِ: الثَّوابُ، وأثرُ الصِّحَّةِ: عَدَمُ القضاءِ.

قالَ في «شرحِ الأصلِ»: وقد حَكى القولينِ ابنُ عَقِيلٍ في «الوَاضح» (٢)، ورَجَّحَ أنَّ الصَّحيحَ لا يَكُونُ إلَّا مقبولًا، ولا يَكُونُ مَردودًا إلَّا وهو باطلٌ. ويَرِدُ عليه مَجِيءُ الأمرينِ مِن الشَّارعِ (٣).

(وَنَفْيُهُ) أي: نفيُ القبولِ فيما ذُكِرَ (كَنَفْيِ إِجْزَاءٍ) فكلُّ ما لا يُجزِئُ يُقالُ فيه: لا يُقبَلُ، وكلُّ ما يُقالُ فيه: يُجزِئُ، يُقالُ فيه: يُقبَلُ.

مثالُ نفيِ الإجزاءِ: قولُه -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ القُرْآنِ» رَوَاه الدَّارَقُطْنِيُّ (٤).

وَقِيلَ: نفيُ الصِّحَّةِ أَوْلَى بالفسادِ؛ لأنَّ الصِّحَّةَ قد تُوجَدُ حَيْثُ لا قبولَ، بخلافِ الإجزاءِ مع الصِّحَّةِ، وسَبَقَ الفرقُ بينَ الصِّحَّةِ والإجزاءِ بما يَخدِشُ ما هنا.

(وَالصِّحَّةُ) لها ثلاثةُ معانٍ:

أحدُها: (شَرْعِيَّةٌ كَمَا) أي: كالمذكورةِ (هُنَا) وهي الإذنُ الشَّرعيُّ في


(١) رواه مسلمٌ (٢٢٣٠) مِن حديثِ صفيَّةَ -رضي الله عنها-: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».
(٢) «الواضح في أُصولِ الفقهِ» (٣/ ٢٤٥).
(٣) «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١١٠٣).
(٤) «سُننُ الدَّارقطنيِّ» (١٢٢٥) مِن حديثِ عُبادةَ بنِ الصَّامتِ، وقَالَ: إسنادٌ صحيحٌ. ورواه التِّرمذيُّ عنه (٢٤٧) ولفظُه: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ». وقَالَ: حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ.

<<  <   >  >>