للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَوْرَدَه البيهقيُّ في كتابِ «البعث والنُّشور» (١)، روايتُه عن أزيدَ مِن ثلاثينَ صحابيًّا، وأَفْرَدَه المَقْدِسيُّ (٢) بالجمعِ، فإنَّه متواترٌ مَعنًى؛ لفُقدانِ شرطِ التَّواتُرِ في بعضِ طبقاتِه، وكالعِلْمِ بشجاعةِ عليٍّ (وَسَخَاءِ حَاتِمٍ) مع اختلافِ المُخبِرِينَ في الوقائعِ الدَّالَّةِ على ذلك، لاشتِراكِها في المدلولِ، وإنْ كانَتْ جِهةُ دَلالتِها: تارةً بالتَّضمُّنِ، وتارةً بالالتزامِ، وكثيرٌ مِن الوقائعِ على هذا الوجهِ، كقضايا (٣) عليٍّ رَضِيَ اللهُ تعالى عنه في حُروبِه مِن أنَّه هَزَمَ في خيبَرَ كذا، وفَعَلَ في أُحُدٍ كذا، إلى غيرِ ذلك، فإنَّه يَدُلُّ بالالتزامِ على شجاعتِه، وقد تَوَاتَرَ ذلك منه، وإنْ كانَ شيءٌ مِن تلك الجُزئيَّاتِ لم يَبْلُغْ درجةَ القطعِ، وكوقائعِ حاتِمٍ فيما يُحكى مِن عطاياه مِن فَرَسٍ وإبلٍ وعينٍ وثوبٍ ونحوِها، فإنَّها تَتضَمَّنُ جُودَه، فيُعلَمُ، وإنْ لم يُعلَمْ شيءٌ مِن تلك القضايا بعَينِه.

(وَلَا يَنْحَصِرُ) عددُ التَّواتُرِ عندَ أصحابِنا والمُحقِّقينَ (فِي عَدَدٍ، وَ) الضَّابطُ حُصُولُ العِلْمِ في الخبَرِ، فـ (يُعْلَمُ) حُصُولُ العددِ (إِذَا حَصَلَ العِلْمُ) بالخبَرِ، (وَلَا دَوْرَ) إذْ حُصُولُ العِلْمِ معلولُ الإخبارِ، ودليلُه -كالشِّبَعِ، والرِّيِّ- معلولُ المُشْبَعِ والمَرْوِيِّ ودليلُهما، وإنْ لم يُعلَمْ ابتداءً ذلك القدرُ الكافي مِنهما، وما ذُكِرَ مِن التَّقديراتِ تَحَكُّمٌ لا دليلَ عليه.

نعمْ، لو أَمْكَنَ الوقوفُ على حقيقةِ اللَّحظةِ الَّتي يَحصُلُ بها (٤) لنا العِلْمُ بالمُخبَرِ عنه فيها، أَمْكَنَ معرفةُ أقلِّ عددٍ يَحصُلُ العِلْمُ بخبَرِه، لكنَّ ذلك


(١) «البعث والنُّشور» (ص ٤٦٩، بَابُ ما جاء في حَوْضِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) ذكره الذهبي في ترجمته في «سير أعلام النبلاء» (٢٣/ ١٢٨) وسماه: «ذكر الحوض».
(٣) في (د): كقضاء.
(٤) ليست في (د).

<<  <   >  >>